إن الإنسان إذا بعد عن الله عز وجل إذا بعقله يحل أشياءً ويحرم أشياءً، ويبقى عقله ضائعاً، والذي ينظر إليه يعرف غباءه، فأهل الجاهلية كانوا يعبدون الأحجار، يصنع أحدهم الحجر بيده من تراب وماء، ويصنع منه صنماً، ثم يعبده من دون الله سبحانه وتعالى، أو يصنع تمثالاً من عجوة وإذا جاع أكله، وإذا شبع عبده من دون الله! أية عبادة هذه التي يفعلونها؟! إنها عقول تافهة توجد في كل زمان، ومثل ذلك الذين يصنعون التمائم، لكي يكسبون المباراة في لعبة الكرة، والمسلمون يقلدون في هذا الشيء، ويصنعون ما يجعلهم يشركون بالله سبحانه، فيزعمون أن النصر من هذه التميمة التي صنعوها، وتكون ميدالية أو تمثالاً أو صورة، ويقولون: هذه تجلب لنا الفأل الحسن.
فيكفرون بالله سبحانه ويشركون به، وهم يصنعونها أو يقرونها بمدح مثل هذا الشيء، ويعملون تمثيليات وأفلاماً تكون سبباً لانتشار هذا الشيء، كما تسمع عن تمثيلية تحكي عنها الجريدة أن شخصاً اشترى حذاءً؛ ليلعب به الكرة، يقوم فيغلب، وكلما يلعب به يغلب الآخرين، وعندما يترك هذا الحذاء ويلعب بدونه لا يغلب، والمقصود بهذا الشيء إقرار عقيدة باطلة في نفس الإنسان، فيأتي الشاب الصغير الذي لا يفهم العقيدة، فيذهب لشراء حذاء جديد؛ ليلعب به، فإذا غلب يقول: إن الحذاء هو الذي جعلني أغلب، وينسب النصر لهذا الحذاء! انظر إلى هذا الغباء وهذه العقول! إن هذه العقائد هي التي يريدون أن يغرسونها في نفوس الناس، والمسلمون ينساقون وراء ذلك، وكما رأيتم فيلم المسيح، فكم من المسلمين الآن يشاهدون هذا الفيلم في كل مكان؟! بدعوى أن فيه نكاية بإسرائيل، وهو يقرر في أذهان المسلمين أن المسيح صلب، والله عز وجل سبحانه يقول: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء:157]، فلم يقتل المسيح، ولم يصلب وإنما رفع المسيح إلى السماء، وصاحب هذا الفيلم يقول: أنا لا أرضى حتى يتنصر كل الناس بسبب هذا الفيلم! وإذا بالمسلمين في بلادهم ينشرون هذا الفيلم على دور السينما لكي يشاهدونه، ويرون في الفيلم أنه صلب المسيح، وأنه وضع الشوك على رأسه، وأن المسيح قتل ولا حول ولا قوة إلا بالله! والله عز وجل يقول: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ} [النساء:157] والمسلمون تذهب عقولهم وتضيع وراء فلم من الأفلام، وإن كان فيه دعوة للنصرانية، وإذا بالجرائد تنشر مقالات مثل: آخر لحظات المسيح، ويقال فيها: انظروا إلى اليهود طوال عمرهم يعملون الشر، فهم الذين قتلوا المسيح! مع أن الله عز وجل يقول في القرآن {وَمَا قَتَلُوهُ} [النساء:157].
وهذا هو الكفر الذي لا يقوله مسلم؛ لأنه يخالف ما جاء في القرآن، فينشرون عقيدة النصارى، ويقررون في قلوب المسلمين الشرك بالله سبحانه، والتكذيب لكتاب الله سبحانه تبارك وتعالى، والمسلمون لجهلهم يضعون المصاحف في بيوتهم للزينة، وبعضهم يضعها تحت رأسه وهو نائم حتى لا تأتي له رؤيا مفزعة، أما أن يقرأ ما في كتاب الله سبحانه ويتعلم ما فيه فلا، إلا من رحم الله سبحانه تبارك وتعالى.
وأيضاً الأب يرسل ابنه إلى مدرسة ليتعلم الإنجليزي وغيره، وآخر شيء يفكر فيه تعليم القرآن وكتاب الله سبحانه تبارك وتعالى! فلابد للمسلمين من التوعية بعقائد الإسلام، قال الله سبحانه تبارك وتعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:19]، وقال لنا في هذا الحديث القدسي الصحيح: (إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً).
فلما وصل أهل الأرض إلى طاعة الشيطان والشرك بالله سبحانه فسيكون جزاؤهم المقت، فإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم جميعاً عربهم وعجمهم، والمقت أشد البغض، فقال سبحانه في هذا الحديث: (وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب)، ولم يقل: إلا أهل الكتاب، لأن أهل الكتاب كانوا وراء الدنيا قبل النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن كان منهم بقايا ممن عرفوا التوحيد وممن وحدوا الله سبحانه، وكانوا ينتظرون النبي صلوات الله وسلامه عليه، وقد تعلم على أيدي هؤلاء البقايا سلمان الفارسي، وعبد الله بن سلام.