قال تعالى: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا} [العنكبوت:52] أي: كفى بالله الذي يحكم علي ويحكم عليكم، ويشهد علي ويشهد عليكم ويحاسبنا يوم القيامة، أي: قل لهؤلاء المكذبين: كفى بالله شهيداً يشهد لي بالصدق، ويشهد عليكم بالتكذيب.
قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [العنكبوت:52] أي: يعلم كل شيء: ما في السموات وما فوقها، وما في الأرض وما تحتها، وما بين ذلك.
قال سبحانه: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ} [العنكبوت:52] أي: الذين آمنوا بالشيطان، وبكل ما هو باطل وليس بحق، وكفروا بالله سبحانه وتعالى، {أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [العنكبوت:52] أي: خسروا أعظم شيء يدافعون عنه ويدفعون وهو أنفسهم.
فالإنسان يقي نفسه بغيرها، ويدافع عن نفسه ولو ضاع غيره فهذه النفس يخسرها يوم القيامة، وتشهد عليه فيضيع نفسه بسبب تكذيبه في الدنيا.
وفي الدنيا يمكن أن يقول الإنسان لآخر: أنا أفديك بنفسي، فإذا جاء يوم القيامة فكل إنسان يقول: نفسي نفسي، حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كل منهم يقول: نفسي نفسي، وقد كانوا في الدنيا يدعون الخلق إلى الله عز وجل، أما يوم القيامة فلا توجد حياة ثانية يضيعون الآخرة من أجلها، إنما الدار الآخرة هي الحياة وفيها الإقامة الدائمة عند رب العالمين، لا حياة بعدها، ولذلك كل واحد يقول: نفسي نفسي.
قال تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} [عبس:34 - 36] ومن أعز على الإنسان من هؤلاء؟ ومع ذلك فر من الجميع ويقول: نفسي، إلا نبينا صلوات الله وسلامه عليه الذي يقول: أمتي أمتي ويشفع للخلق يوم القيامة.