{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [القصص:72].
أي: إذا صار النهار سرمداً على الأرض جميعها، فسترتفع درجة الحرارة، وتذوب الثلوج الموجودة، فتغرق الأرض كلها.
(مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ).
أي: من يجعل الليل سكناً تنامون فيه، ومعلوم أن الإنسان لا يستريح إلا بالنوم في الليل، فالليل جعله الله عز وجل سكناً للإنسان، ولذلك لو أنه ينام في النهار ويستيقظ بالليل تتعب أعصابه ويمرض في النهاية، ولكن جعل الله عز وجل هدوء الليل وظلمة الليل للإنسان راحة يستريح بها، فيقول الله سبحانه: (مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ).
والسكون: عكس الحركة، فلو نام الشخص في وقت الظلمة أربع ساعات لكفت أن يستريح ويقدر على العمل بعد ذلك، ثم ينام بعد ذلك بالنهار ثلاث ساعات أو ساعتين، ولكن لو أنه نام ست ساعات في النهار لا تكفيه؛ لأنه يحتاج إلى النوم في الظلمة، ويحتاج إلى النوم في الليل، فجعل الله الليل للعباد سكناً، وجعل طبيعتهم تتوافق مع ذلك، {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:14].
(أَفَلا تُبْصِرُونَ) أي: أفلا تبصرون في ضوء النهار ما يجعله الله عز وجل من آيات ترونها.
قال تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص:73]، أي: جعل الله لكم الليل تسكنون فيه، والنهار تبتغون من فضله وتنتشرون.
(وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وكأن هنا شيئاً مضمراً أي: تشكرونه على نعمة الليل والنهار، وجعل لكم ذلك لتطلبوا رزق الله عز وجل، وتسعوا في الأرض، وتأخذوا حظوظكم ونصيبكم، وتشكروا ربكم سبحانه على ما أنعم عليكم من نعم، والمؤمن يشكر ربه سبحانه ويحمده حمداً يليق به سبحانه، وشكراً يليق بإنعامه.
نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.