تفسير قوله تعالى: (وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا)

قال الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [القصص:60].

(وما) هذه للعموم، يعني: مهما أوتي الإنسان في الدنيا من مال أو بنين أو صحة أو عافية أو غير ذلك من نعم الله عز وجل، فإنها متاع قليل للدنيا، ثم في النهاية يتركها الإنسان ويصير إلى التراب، ثم يرجع إلى ربه سبحانه تبارك وتعالى.

وقوله سبحانه وتعالى: {فَمَتَاعُ} [القصص:60] أي: تستمتعون به مدة قليلة، والإنسان لا يدري كم يعيش في هذه الدنيا؟ فإذا عاش وعمر فيها وظن أنه أخذ من متاع الدنيا وأنه طال عمره، أتاه الموت، فيتفكر في السابق من عمره وكأنه شريط أحلام يمر برأسه إذا نام ثم استيقظ فيه على الدار الآخرة.

فسواء طالت الدنيا بالإنسان أم قصرت فلابد أن تنتهي، فهي متاع قليل.

وقوله تعالى: {وَزِينَتُهَا} [القصص:60] أي: زينة لهذه الحياة الدنيا، تستمتعون بها وتزول بعد ذلك، لكن الذي عند الله هو خير وأفضل من كل ما في هذه الحياة الدنيا، قال تعالى: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [القصص:60].

وهنا إشارة إلى أن ما في الدنيا فإنه يزول، فالدنيا لا تبقى أبداً، أما الدار الآخرة فهي الباقية؛ ولذلك عبر الله عنها بقوله تعالى: {وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت:64] والحيوان بمعنى: دار الإقامة الدائمة والحياة الحقيقية، أما الدنيا فهي إلى زوال لا تدوم.

ومعنى قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [القصص:60] أي: لا يفنى ولا يزول، وقوله تعالى: {أَفَلا تَعْقِلُونَ} [القصص:60] أي: أفلا تتفكرون فيما خلقكم الله عز وجل من أجله فتعبدون الله حتى تنالوا هذا النعيم المقيم.

وقوله تعالى: (أَفَلا تَعْقِلُونَ) هذه قراءة الجمهور.

وقراءة الدوري عن أبي عمرو وقراءة السوسي: أفلا يعقلون بضمير الغائب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015