تفسير قوله تعالى: (وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر)

قال الله تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه ذاكراً نعمه عليه: {وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [القصص:44] يعني: هذه القصة ساقها الله عز وجل وكرر ذكرها في القرآن، فقد ذكر موسى في القرآن أكثر من مائة وثلاثين مرة، وذكر ما أنزله عليه وما فعله بنو إسرائيل معه، وما فعله فرعون معه قبل ذلك، كل ذلك لم يره النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقرأه، ولم يجلس مع أهل الكتاب يحدثونه عن ذلك، ولكن معجزة من معجزاته، فقد جاءهم بالتفاصيل التي حدثت بين موسى وفرعون، فهذه رحمة من رب العالمين على النبي صلى الله عليه وسلم، وآية من آياته، ومعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم أن أطلعه الله عز وجل على شيء ما كان يعرفه هو ولا يعرفه العرب الذين جلس معهم صلى الله عليه وسلم وهو منهم.

فلذلك يقول الله هنا مذكراً له ولهم بهذه النعمة: أنت لم ترَ ذلك فليتعظ هؤلاء وليتعظ أهل الكتاب، وليتذكروا أن هذا لا ينطق بكذب، قد جاءكم بما قاله موسى وما فعله مع فرعون، وما فعله الله عز وجل مع بني إسرائيل ومع فرعون، فكيف عرف النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؟ لا شك أنه وحي من رب العالمين.

فلذلك يقول: ((وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ)) أي: لم تكن بجانب الجبل الغربي، يعني: إذا جئت أنت إليه وجعلت وجهك جهة القبلة يكون هو تجاه الغرب.

قوله: ((إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الأَمْرَ)) أي: أوحينا إليه بأمر الرسالة، ((وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ)) أي: لم تشهد ذلك حتى تحدث به، كم بينك وبين موسى؟ آلاف السنين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015