فأتى إبراهيم عليه الصلاة والسلام يوماً وقال لإسماعيل: (إن الله أمرني بأمر، قال: فامض إلى ما أمرك ربك، قال: وتعينني؟ قال: وأفعل.
قال: أمرني أن أرفع القواعد من البيت، فأعانه إسماعيل فرفعا القواعد من البيت، ثم رجع إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأمر الله عز وجل.
وبعد فترة أوحى الله إليه رؤيا منامية: أن اذبح ولدك، وقد كان إبراهيم في كل حين ينظر إلى ابنه بأنه لم يربه وتركه في هذا المكان، فذهب إليه وقال: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات:102] فلم يقل له: هذه أضغاث أحلام وهرب منه، فهو يعلم أن أباه نبي من عند الله سبحانه، وأن هذا وحي من الله.
فقال: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات:102] أي: أصبر لذلك.
وعندما أراد أن يذبحه طلب منه إسماعيل أن يلقيه على وجهه حتى لا ينظر إليه وهو يذبحه.
فلما كاد أن يذبحه نزل أمر الله عز وجل: {أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات:104 - 107].
فكان بلاءً بيناً عظيماً للإثنين، لإبراهيم عليه الصلاة والسلام وابنه إسماعيل، فكان إسماعيل صابراً، فذكره الله عز وجل من الصابرين.
وكذلك إدريس على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وكذلك ذو الكفل قال تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الأنبياء:85].
فكل واحد من هؤلاء صبر لأوامر الله عز وجل، فمدحهم الله تبارك وتعالى.
وقد رفع الله إدريس مكاناً علياً في السماء الرابعة، وقد قيل إنه كان قبل نوح على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وقيل: بل كان بعده، فالله أعلم.
فالغرض: أنه ابتلاه الله سبحانه تبارك وتعالى، فصبر لأمر الله سبحانه، فرفعه الله بصبره مكاناً علياً.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.