قال الله تعالى: {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص:6] فرعون كان يحذر من شيء، قيل: إن بعض المنجمين قالوا لفرعون: إنه سيكون هلاكك على يد واحد من بني إسرائيل، فالله عز وجل قدر ذلك، ولا بد أن يكون ما قدره الله سبحانه، ومهما أخذ الإنسان في الحيطة وفي الحذر فقدر الله لا بد أن يصيبه، قال: {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ} [القصص:6] أي سنري فرعون {وَهَامَانَ} [القصص:6] وزيره، {وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ} [القصص:6]، من هؤلاء المستضعفين {مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص:6] ويستعدون له ويأخذون بالأسباب، فلم تنفعهم أسبابهم.
وقراءة الجمهور: {وَنُرِيَ} [القصص:6]، وقراءة حمزة والكسائي وخلف: (ويرِى) بالإمالة، يعني: سيرى فرعون ما كان يحذر من هؤلاء، ولابد أن يدركه هذا الشيء، فأفعال الله سبحانه وتعالى آيات وفيها عظمة رب العالمين سبحانه، فأجمعوا جموعكم، وقدروا لأنفسكم ما تشاءون، فلن يكون إلا ما قدره الله سبحانه وتعالى، فالإنسان قد يقدر ويدبر ويأخذ بالأسباب ويعمل الحيطة، ومن المأمن الذي هو فيه يأتيه عذاب الله سبحانه وتعالى! فهذا فرعون استعد لهؤلاء واستضعفهم واستصغرهم وقال: {إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} [الشعراء:54 - 56]، وكان قوم موسى نحو خمسمائة ألف أو أقل أو أكثر، شرذمة قليلون، وفرعون ومن معه كانوا ملايين من الناس، ورأى في نفسه القوة ورأى في هؤلاء الضعف، وتيقن أنه حصرهم، فالبحر أمامهم وفرعون وراءهم؛ فيأتي من هنا نصر الله سبحانه ليري الخلق أن القوة بيد الله سبحانه وتعالى، ينصر من يشاء.