نعمة الله على أيوب بعد شفائه

قال تعالى: ((وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ)) أولاداً آخرين.

قال تعالى: {رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} [الأنبياء:84] فرحمناه وكشفنا ما به وأعطيناه، ورحمنا زوجته فأمرناه ألا يحنث وأن يضربها ضربة واحدة.

قال تعالى: {وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء:84] أي: حتى يتذكر كل إنسان عابد لله سبحانه رحمة رب العالمين الواسعة، وأنه الذي يستجيب لمن يدعوه كما قال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل:62].

لا إله إلا الله، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه عن أيوب: (إن أيوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام بينما كان يغتسل عرياناً خر عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثوه في ثوبه، فناداه ربه سبحانه: يا أيوب، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟) يعني: ألم أعطك أندر ذهب وأندر فضة، وحاشا لأيوب أن يكون طماعاً، وهو نبي معصوم، وإنما هو أدب الأنبياء.

وقد قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته) ولو أن إنساناً ذهب إلى إنسان غني وكبير وأعطاه شيئاً من الصدقة فقال له: لا أريد، لكان ردها قبيحاً، وحينئذ يشعر المعطي بالضيق لرفضه، وكلما ازداد قدره ومقامه كان الرفض أوجع له.

ولله عز وجل المثل الأعلى، ولا شيء يناله سبحانه وتعالى من عبده، قال تعالى: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج:37]، فلما أنزل الله على أيوب هذا الجراد من الذهب ابتلاء له، ونظراً لما يصنع قبل صدقة ربه عليه، فسأله الله ممتحناً له ومختبراً: (ألم أكن أغنيتك عن هذا؟ قال: بلى؛ ولكن لا غنى لي عن بركتك).

فهنا منه تأدب في الأخذ وتأدب في الجواب صلوات الله وسلامه عليه، فذكره الله عز وجل في هذه الآيات وفي غيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015