يقول الله تعالى: {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} [النمل:70].
يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: ((وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ))؛ لأنه كان يحزن من إجرامهم، وكفرهم، وكان يود لو أنهم أسلموا، فكان حزنه شديداً صلوات الله وسلامه عليه، فالله سبحانه يصبره ويطمأنه، ويقول له: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف:6] {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء:3]، أي: لا تهلك نفسك عليهم، إنما عليك أن تبلغ، ولكن لا تحزن حتى تميت نفسك على هؤلاء، فهم لا يستحقون ذلك.
قوله: ((وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ)) فيها قراءات: قراءة الجمهور ((عَلَيْهِمْ)) بكسر الهاء، ويقرأها حمزة ويعقوب: (عليهُم) بضم الهاء.
وقوله تعالى: ((وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ)) أي: لا يكن صدرك ضيقاً بسبب مكر هؤلاء.
وفيها قراءات: قراءة الجمهور: (ضَيْقٍ)، بفتح الضاد، وقراءة ابن كثير: (ضِيق) بكسرها، فإذا قرأها كلها يقول: (ولا تحزن عليهمُ ولا تكن في ضِيق مما يمكرون).
فالله عز وجل يصبر النبي صلى الله عليه وسلم ويقول له: لا تحزن ولا يضق صدرك بما يمكر هؤلاء، فمهما مكر المستهزءون فنهايتهم إلى الله عز وجل ليجازيهم، وذلك في الآخرة أو أنه في الدنيا سيعاقبهم بعذاب من عنده، فيهلكهم كما أهلكهم في يوم بدر وغيرها، فلا تكن في ضيق من مكرهم واستهزائهم.