وقد علمنا الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات حسن الافتتاح، أي: أن تفتتح كلامك بحمد الله سبحانه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح كلامه وخطبه بحمد الله سبحانه، سواء كانت خطبة للعيد أو للجمعة أو غيرها، حتى في خطبة النكاح كان يبدأ بحمد الله سبحانه وتعالى.
يقول الإمام القرطبي رحمه الله: فيه تعليم حسن، وتوقيف على أدب جميل، وبعث على التيمن بالذكرين والتبرك بهما، بذكر الله سبحانه، والصلاة والسلام على أنبيائه عليهم الصلاة والسلام.
يقول هنا: وفيه الاستظهار بمكانهما على قبول ما يلقى إلى السامعين، يعني: أن الإنسان عندما يريد الكلام في موضوع ويدخل فيه من غير ذكر الله سبحانه وتعالى، فإن هذا يكون قبيحاً، فما ذكر الله في شيء إلا وكان فيه البركة، وما ذكر أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام فصلي وسلم عليهم إلا كان فيه الخير والبركة.
وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من مجلس لا يذكر فيه الله ولا يصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم إلا كان على أصحابه ترة يوم القيامة).
وذكر: (ما من قوم يجلسون مجلساً فلا يذكرون الله ولا يصلون على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم قاموا إلا قاموا عن مثل جيفة حمار).
فمن الأدب: أنه إذا بدأ الإنسان في مجلسه أو درسه أو حديثه أو خطبته فليبدأ بذكر الله سبحانه، وبالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول الإمام القرطبي رحمه الله: وفيه الاستظهار بمكانهما على قبول ما يلقى إلى السامعين، والإصغاء إلى من يتكلم، وإنزال ذلك في قلوبهم المنزلة التي يبتغيها المستمع إذا حدثهم، فبدأ بذكر الله سبحانه.
قال: ولقد توارث العلماء والخطباء والوعاظ كابراً عن كابر هذا الأدب، فحمدوا الله، وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام كل علم مفاد، وقبل كل عظة، وفي مفتتح كل خطبة، وتبعهم المترسلون - يعني: الكُتَّاب - فجروا عليه في أوائل كتبهم.
فهذا هو الأدب: أن يبدأ الإنسان -سواء كتب كتاباً أو كتب صحيفة- بذكر الله عز وجل في الخطبة وغيرها، فليبدأ بذكر الله كما قال هنا: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل:59].