عذاب قوم لوط عليه السلام

فلما خرج لوط عليه الصلاة والسلام ومن معه قال الله سبحانه وتعالى: {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ} [النمل:57]، والله سبحانه إذا قدر شيئاً فلا بد أن يكون هذا الشيء كما قدر، والتقدير عند الإنسان أو عند الناس بمعنى: القياس الدقيق للشيء، فعندما يريد أن يفصل قماشاً فإنه يقيسه بالسنتيمتر، ويرسم على المقاس، ويقص عليه، فإذاً: التقدير هنا: من قدر، أي: قاس وأتى على الوجه الذي قدره، والله سبحانه وتعالى قدر الشيء وقضى أن يكون هكذا، فإنه يقع ما شاءه وأراده سبحانه وتعالى، فقال سبحانه عن امرأة لوط: {قَدَّرْنَاهَا} [النمل:57]، أي: جعلنا قدرها أن تكون مع الغابرين، أي: مع الباقين في عذاب رب العالمين.

و ((قدَّرناها)) هذه قراءة الجمهور، وقرأها شعبة عن عاصم: ((قَدَرْنَاها من الغابرين))، فخرج لوط ومعه ابنتاه وامرأته، وخدرت الملائكة لوطاً: {وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ} [هود:81]، أي: أنها هي التي ستلتفت، فالتفتت فرأت العذاب ينزل من السماء، فصرخت على قومها، فأتاها عذابها من عند ربها، {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ * مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود:82 - 83]، أي: حجارة من نار نزلت على هؤلاء فأهلكهم الله سبحانه، {مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ} [هود:82] إلى قال: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود:83]، يعني: لا أحد سينجو من عذاب الله سبحانه، فإن هؤلاء ظلموا فجاءهم العذاب، ومن يظلم بعد ذلك فليس عذاب الله سبحانه بعيداً منه، قال: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا} [الأعراف:84]، أي: نزلت عليهم حجارة من نار جهنم كالمطر من السماء، وكان كل إنسان تأتيه حجارته فيهلكه الله سبحانه، كما قال تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} [الشعراء:173]، أي: بئس مطر المنذرين، فكان المطر بئيساً سيئاً على هؤلاء الذين أنذروا فلم يعتبروا، وذكروا فلم يتذكروا، فأهلكهم الله، ثم عقب ذلك بقوله: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} [النمل:59]، أي: احمد ربك سبحانه على أن أهلك الظالمين، ومكن للمؤمنين.

نسأل الله عز وجل أن يهلك الظالمين، وأن يمكن للمؤمنين، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015