وهنا في هذه السورة يذكر الله سبحانه وتعالى أن صالحاً عليه الصلاة والسلام ذكر قومه بالنعم كما ذكر هود عاداً بنعم الله سبحانه عندما قال لهم: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء:128 - 135]، فذكرهم بالنعم.
وهنا أيضاً يذكر الله عز وجل ما قاله صالح لقومه من تذكيرهم بنعم الله عز وجل عليهم، وهذا التذكير لم يذكره سبحانه إلا في هذه السورة فقط، وقد ذكرت قصة ثمود في حوالي عشرة مواضع من كتاب الله سبحانه وتعالى، فذكرها الله عز وجل في الأعراف كما قدمنا، وفي سورة هود أيضاً، وفي سورة الإسراء إشارة، وذكرها ههنا في سورة الشعراء، وذكرها في سورة النمل، وفي سورة الذاريات، وفي سورة القمر، وفي سورة الشمس وضحاها، وقد ذكر سبحانه في كل سورة من هذه السور بعض الأشياء التي ليست في غيرها.
وقد ذكر هنا تذكير صالح لقومه بنعم الله عز وجل، فقال: {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الشعراء:146 - 147]، فقد أعطاهم الله جنات وبساتين عظيمة وعيون كما أعطى لقوم هود من قبلهم.
وقوله: ((فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)) فيها قراءتان: فيقرؤها ابن كثير وشعبة عن عاصم وحمزة والكسائي: (وعِيون)، وباقي القراء يقرءون ((وَعُيُونٍ)) بالضم فيها.
وقوله تعالى: {وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} [الشعراء:148] أي: أعطاكم الحقول التي فيها الزروع والحبوب، وأعطاكم النخيل، كما قال: {وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} [الشعراء:148] أي: أكثر أموالكم من هذه النخيل، فتأكلون من ثمارها، وتبيعون وتتاجرون فيها، والطلع الذي فيها ليس كمثله شيء من الطلوع التي عند الناس، فعندكم أعظم الأشياء.