وَقَوْلُهُ: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَير: {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أَنَّ مَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ.
وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [التَّوْبَةِ:104] وَكَقَوْلِهِ (?) {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النِّسَاءِ:110] وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ -هُوَ ابْنُ زَيْدٍ الشَّرْعَبيّ-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ-وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ-: "ارْحَمُوا تُرْحَمُوا، واغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ، وَيْلٌ لأقْمَاعِ الْقَوْلِ، وَيْلٌ للْمُصِرِّينَ الَّذِينَ يُصرونَ عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ".
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ، رَحِمَهُ اللَّهُ (?) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى -بَعْدَ وَصْفِهِمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِهِ-: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ} أَيْ: جَزَاؤُهُمْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ مَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ (?) وَجَنَّاتٌ {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ} أَيْ: مِنْ أَنْوَاعِ الْمَشْرُوبَاتِ {خَالِدِينَ فِيهَا} أَيْ: مَاكِثِينَ فِيهَا {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} يَمْدَحُ تَعَالَى الْجَنَّةَ.
{قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) }