خُثَيم، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّة (?) قَالَ: لَقِيت التَّنوخي رَسُولَ هِرَقْل إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحِمْص، شَيْخًا كَبِيرًا فَسَدَ، قَالَ: قدمتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بِكِتَابِ هِرَقْل، فنَاول الصَّحِيفَةَ رَجُلا عَنْ يَسَارِهِ. قَالَ: قُلْتُ: مَنْ صَاحِبُكُمُ الَّذِي يَقْرَأُ؟ قَالُوا: مُعَاوِيَةُ. فَإِذَا كِتَابُ صَاحِبِي: "إِنَّكَ كَتَبْتُ تَدْعُونِي إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ، فَأَيْنَ النَّارُ؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ! فأيْنَ اللَّيْلُ إذَا جَاءَ النَّهَارُ؟ " (?) .

وَقَالَ الْأَعْمَشُ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وشُعْبَة، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ (?) عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّ نَاسًا مِنَ الْيَهُودِ سَأَلُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، فَأَيْنَ النَّارُ؟ فَقَالَ عُمَرُ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (?) أَرَأَيْتُمْ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ أَيْنَ النَّهَارُ؟ وَإِذَا جَاءَ النَّهَارُ أَيْنَ اللَّيْلُ؟ فَقَالُوا: لَقَدْ نَزَعْتَ مثْلَها مِنَ التَّوْرَاةِ.

رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ الطُّرُقِ (?) (?) ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَان، أَنْبَأَنَا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ: يَقُولُونَ: {جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ} فَأَيْنَ النَّارُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْنَ يَكُونُ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ، وَأَيْنَ يَكُونُ النَّهَارُ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ؟ (?) .

وَقَدْ رُوي هَذَا مَرْفُوعًا، فَقَالَ البَزّار: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَر، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ أَبُو هِشَامٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ عَمّه يَزِيدَ بْنِ الأصَم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ} فَأَيْنَ النَّارُ؟ قَالَ: "أرَأيْتَ اللَّيْلَ إِذَا جَاءَ لَبسَ كُلَّ شَيْءٍ، فَأيْنَ النَّهَار؟ " قَالَ: حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ: "وَكَذِلَكَ (?) النَّارُ تَكُونُ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ" (?) .

وَهَذَا يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ مُشَاهَدَتِنَا اللَّيْلَ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ أَلَّا يَكُونَ فِي مَكَانٍ، وَإِنْ كُنَّا لَا نَعْلَمُهُ، وَكَذَلِكَ النَّارُ تَكُونُ حَيْثُ يَشَاءُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَذَا (?) أَظْهَرُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي (?) حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ (?) الْبَزَّارِ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أَنَّ النَّهَارَ إِذَا تَغَشَّى وَجْهَ الْعَالَمِ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ، فَإِنَّ اللَّيْلَ يَكُونُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَكَذَلِكَ الْجَنَّةُ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَعَرْضُهَا كَمَا قَالَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: {كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ} [الْحَدِيدِ:21] وَالنَّارُ فِي أَسْفَلِ سَافِلِينَ. فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَوْنِهَا كَعَرْضِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَبَيْنَ وُجُودِ النار، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015