وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الأحْمَسِي (?) حَدَّثَنَا وَكِيع، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوة، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادٍ: أَنَّ الزُّبَيْرِ [بْنَ الْعَوَّامِ] (?) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ بَدْرٍ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ مُعْتَجرًا بِهَا، فَنَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمْ عَمَائِمُ صُفْر.
رَوَاهُ ابْنُ مَرْدُويَه مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ، فَذَكَرَهُ.
وَقَوْلُهُ: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ} أَيْ: وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ وَأَعْلَمَكُمْ بِإِنْزَالِهَا إِلَّا بِشَارَةً لَكُمْ وَتَطْيِيبًا لِقُلُوبِكُمْ وَتَطْمِينًا، وَإِلَّا فَإِنَّمَا النَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، الَّذِي لَوْ شَاءَ لَانْتَصَرَ مِنْ أَعْدَائِهِ بِدُونِكُمْ، وَمِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِلَى قِتَالِكُمْ لَهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى بَعْدَ أَمْرِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْقِتَالِ: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ. سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ. وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ.} [مُحَمَّدٍ:4-6] . وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} أَيْ: هُوَ ذُو الْعِزَّةِ الَّتِي لَا تُرام، وَالْحِكْمَةِ فِي قَدره وَالْإِحْكَامِ.
ثُمَّ قَالَ (?) تَعَالَى: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أَيْ: أَمَرَكُمْ بِالْجِهَادِ وَالْجِلَادِ، لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ فِي كُلِّ تَقْدِيرٍ، وَلِهَذَا ذَكَرَ جَمِيعَ الْأَقْسَامِ الْمُمْكِنَةِ فِي الْكُفَّارِ الْمُجَاهِدِينَ. فَقَالَ: {لِيَقْطَعَ طَرَفًا} أَيْ: لِيُهْلِكَ أُمَّةً {مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ} أَيْ: يُخْزِيَهُمْ وَيَرُدَّهُمْ بِغَيْظِهِمْ لَمّا لَمْ يَنَالُوا مِنْكُمْ مَا أَرَادُوا؛ وَلِهَذَا قَالَ: {أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا} أَيْ: يَرْجِعُوا {خَائِبِينَ} أَيْ: لَمْ يَحْصُلُوا عَلَى مَا أمَّلُوا.
ثُمَّ اعْتَرَضَ بِجُمْلَةٍ دَلَّت عَلَى أَنَّ الحُكْم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَقَالَ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ} أَيْ: بَلِ الْأَمْرُ كُلُّهُ إِلَيَّ، كَمَا قَالَ: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرَّعْدِ:40] وَقَالَ {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [الْبَقَرَةِ:272] . وَقَالَ {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [الْقِصَصِ:56] .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ} أَيْ: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْحُكْمِ شَيْءٌ فِي عِبَادِي إِلَّا مَا أَمَرْتُكَ بِهِ فِيهِمْ.
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى بَقِيَّةَ الْأَقْسَامِ فَقَالَ: {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} أَيْ: مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْكُفْرِ وَيَهْدِيَهُمْ بَعْدَ الضَّلَالَةِ {أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ عَلَى كُفْرِهِمْ وَذُنُوبِهِمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} أَيْ: يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا حِبّان بْنُ مُوسى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ، إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الفجر (?)