وقال طاووس، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَقَتَادَةُ: أَخَذَ (?) اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ أَنْ يَصْدُقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
وَهَذَا لَا يُضَادُّ مَا قَالَهُ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَلَا يَنْفِيهِ، بَلْ يَسْتَلْزِمُهُ وَيَقْتَضِيهِ. وَلِهَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عن مَعْمَر، عن ابن طاووس، عَنْ أَبِيهِ مِثْلَ قَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: جَاءَ عُمَرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي (?) مررتُ بأخٍ لِي مِنْ قُرَيْظَة، فَكَتَبَ لِي جَوَامعَ (?) مِنَ التَّوْرَاةِ، أَلَا أَعْرِضُهَا عَلَيْكَ؟ قَالَ: فتغيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَابِتٍ: قُلْتُ (?) لَهُ: أَلَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: رَضِينَا بِاللَّهِ رِبَّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا -قَالَ: فسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ، (?) إِنَّكُمْ حَظِّي مِنْ الأمَمِ، وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنْ النَّبِيِّينَ" (?) .
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ (?) حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ مُجالد، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا، وَإِنَّكُمْ إِمَّا أَنْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ وَإِمَّا أنْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ، وَإِنَّه -واللهِ-لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ مَا حَلَّ لَهُ إِلا أَنْ يَتَّبِعَنِي" (?) .
وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ [لَهُ] (?) :"لَوْ كَانَ مُوسَى وَعِيسَى حَيَّينِ لَمَا وَسِعَهُما إِلَّا اتِّباعِي" (?) .
فَالرَّسُولُ مُحَمَّدٌ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ (?) صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، دَائِمًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَهُوَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ الَّذِي لَوْ وُجِدَ فِي أَيِّ عَصْرٍ وَجِدَ لَكَانَ هُوَ (?) الْوَاجِبُ الطَّاعَةِ المقدَّم عَلَى الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ؛ وَلِهَذَا كَانَ إِمَامَهُمْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ (?) لَمَّا اجْتَمَعُوا بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَكَذَلِكَ هُوَ الشَّفِيعُ فِي يَوْمِ الْحَشْرِ (?) فِي إِتْيَانِ الرَّبِّ لِفَصْل الْقَضَاءِ، وَهُوَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ الَّذِي لَا يَلِيقُ إِلَّا لَهُ، وَالَّذِي يَحِيدُ عَنْهُ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، حَتَّى تَنْتَهِيَ النَّوْبَةُ إليه، فيكونَ هو المخصوص به.