55

رَبِّي" (?) حَتَّى وَجَدَ الْأَنْصَارَ فَآوَوْهُ وَنَصَرُوهُ، وَهَاجَرَ إِلَيْهِمْ فَآسَوْهُ (?) وَمَنَعُوهُ مِنَ الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ. وَهَكَذَا (?) عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، انْتدَبَ لَهُ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَآمَنُوا بِهِ وَآزَرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ. وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْهُمْ: {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ. رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} الْحَوَارِيُّونَ، قِيلَ: كَانُوا قَصّارين وَقِيلَ: سُمُّوا بِذَلِكَ لِبَيَاضِ ثِيَابِهِمْ، وَقِيلَ: صَيَّادِينَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحَوَارِيَّ النَّاصِرُ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا نَدبَ النَّاسَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ، ثُمَّ نَدَبَهُمْ فانتدَبَ الزُّبَيْرُ [ثُمَّ نَدَبَهُمْ فَانْتَدَبَ الزُّبَيْرُ] (?) فَقَالَ: "إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَاريًا وَحَوَارِيي الزُّبَيْرُ" (?) .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأشَجّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} قَالَ مَعَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ.

ثُمَّ قَالَ (?) تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ [مَلَأِ] (?) بَنِي إِسْرَائِيلَ فِيمَا هَمُّوا بِهِ مِنَ الْفَتْكِ (?) بِعِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِرَادَتِهِ بِالسُّوءِ والصَّلب، حِينَ تمالؤوا (?) عَلَيْهِ وَوَشَوا بِهِ إِلَى مَلِكِ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَكَانَ كَافِرًا، فأنْهَوا إِلَيْهِ أَنَّ هَاهُنَا رَجُلًا يُضِلُّ النَّاسَ وَيَصُدُّهُمْ عَنْ طَاعَةِ الْمَلِكِ، وَيُفَنِّد الرَّعَايَا، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ (?) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تَقَلَّدُوهُ فِي رِقَابِهِمْ وَرَمَوْهُ بِهِ مِنَ الْكَذِبِ، وَأَنَّهُ وَلَدُ زَانِيَةٍ (?) حَتَّى اسْتَثَارُوا غَضَبَ الْمَلِكِ، فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِ مَنْ يَأْخُذُهُ وَيَصْلُبُهُ ويُنَكّل بِهِ، فَلَمَّا أَحَاطُوا بَمَنْزِلِهِ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ ظَفروا بِهِ، نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْ بَيْنِهِمْ، وَرَفَعَهُ مِنْ رَوْزَنَة ذَلِكَ الْبَيْتِ إِلَى السَّمَاءِ، وَأَلْقَى اللَّهُ شَبَهَهُ عَلَى رَجُلٍ [مِمَّنْ] (?) كَانَ عِنْدَهُ فِي الْمَنْزِلِ، فَلَمَّا دَخَلَ أُولَئِكَ اعْتَقَدُوهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَأَخَذُوهُ وَأَهَانُوهُ وَصَلَبُوهُ، وَوَضَعُوا عَلَى رَأْسِهِ الشَّوْكَ. وَكَانَ هَذَا مِنْ مَكْرِ اللَّهِ بِهِمْ، فَإِنَّهُ نَجَّى نَبِيَّهُ وَرَفَعَهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، وَتَرَكَهُمْ فِي ضَلَالِهِمْ يَعْمَهُونَ، يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ قَدْ ظَفِرُوا بطَلبتِهم، وَأَسْكَنَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ قَسْوَةً وَعِنَادًا لِلْحَقِّ مُلَازِمًا لَهُمْ، وَأَوْرَثَهُمْ ذِلَّةً لَا تُفَارِقُهُمْ إِلَى يَوْمِ التَّنَادِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} .

{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57) ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58) }

اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} فَقَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ: هَذَا مِنَ الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ، تَقْدِيرُهُ: إِنِّي رَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُتَوَفِّيكَ، يعني بعد ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015