المطففين

1

تَفْسِيرُ سُورَةِ الْمُطَفِّفِينَ

وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (?) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (?) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) }

قَالَ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُقَيْلٍ -زَادَ ابْنُ مَاجَهْ: وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ-قَالَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَزِيدَ-هُوَ ابْنُ أَبِي سَعِيدٍ النَّحْوِيِّ، مَوْلَى قُرَيْشٍ-عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ كَانُوا مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ كَيْلًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} فحسنَّوا الكيلَ بَعْدَ ذَلِكَ (?) .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرّة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ هِلَالِ بْنِ طَلْقٍ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَقُلْتُ: مَنْ أَحْسَنُ النَّاسِ هَيْئَةً وَأَوْفَاهُ كَيْلًا؟ أَهْلُ مَكَّةَ أَوِ الْمَدِينَةِ؟ قَالَ: حَقٌّ لَهُمْ، أَمَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ ضِرَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْمُكْتِبِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَيُوَفُّونَ الْكَيْلَ. قَالَ: وَمَا يَمْنَعُهُمْ أَنْ يُوَفُّوا الْكَيْلَ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} حَتَّى بَلَغَ: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (?) .

فَالْمُرَادُ بِالتَّطْفِيفِ هَاهُنَا: البَخْس فِي الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ، إِمَّا بِالِازْدِيَادِ إِنِ اقْتَضَى مِنَ النَّاسِ، وَإِمَّا بِالنُّقْصَانِ إِنْ قَضَاهم. وَلِهَذَا فَسَّرَ تَعَالَى الْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ وَعَدَهُمْ بالخَسَار والهَلاك وَهُوَ الْوَيْلُ، بِقَوْلِهِ: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ} أَيْ: مِنَ النَّاسِ {يَسْتَوْفُونَ} أَيْ: يَأْخُذُونَ حَقَّهُمْ بِالْوَافِي وَالزَّائِدِ، {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} أَيْ: يَنْقِصُونَ. وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُجْعَلَ "كَالُوا" وَ "وَزَنِوا" مُتَعَدِّيًا، وَيَكُونُ هُمْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهَا ضَمِيرًا مُؤَكِّدًا لِلْمُسْتَتِرِ فِي قَوْلِهِ: "كَالُوا" وَ "وَزَنُوا"، وَيُحْذَفُ الْمَفْعُولُ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عليه، وكلاهما متقارب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015