عَلَيْهِمْ قِيَامُ اللَّيْلِ-فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، اكلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلّ مِنَ الثَّوَابِ حَتَّى تَمَلُّوا مِنَ الْعَمَلِ، وَخَيْرُ الْأَعْمَالِ مَا ديمَ عَلَيْهِ". وَنَزَلَ الْقُرْآنُ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يَرْبِطُ الْحَبْلَ وَيَتَعَلَّقُ، فَمَكَثُوا بِذَلِكَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، فَرَأَى اللَّهُ مَا يَبْتَغُونَ مِنْ رِضْوَانِهِ، فَرَحِمَهُمْ فَرَدَّهُمْ إِلَى الْفَرِيضَةِ، وَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ. (?)
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ (?) بِدُونِ زِيَادَةِ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ، وَهَذَا السِّيَاقُ قَدْ يُوهم أَنَّ نُزُولَ هَذِهِ السُّورَةِ بِالْمَدِينَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هِيَ مَكِّيَّةٌ. وَقَوْلُهُ فِي هَذَا السِّيَاقِ: إِنَّ بَيْنَ نُزُولِ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ -غَرِيبٌ؛ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُمَا سَنَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مِسْعَر، عَنْ سِماك الْحَنَفِيِّ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَوَّلُ مَا نَزَلَ: أَوَّلُ الْمُزَّمِّلِ، كَانُوا يَقُومُونَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِمْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا قَرِيبٌ مِنْ سَنَةٍ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي كُرَيْب، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، بِهِ. (?)
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ العَبدي، كِلَاهُمَا عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ بَيْنَهُمَا سَنَةٌ. وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ إِسْرَائِيلُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا مِهْرَان، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} قَامُوا حَوْلًا حَتَّى وَرِمَتْ أَقْدَامُهُمْ وسُوقُهم، حَتَّى نَزَلَتْ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} قَالَ: فَاسْتَرَاحَ النَّاسُ. (?)
وَكَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: [حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة، حَدَّثَنَا عُبَيد اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي] (?) عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرارة بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: فَقُلْتُ -يَعْنِي لِعَائِشَةَ-: أَخْبِرِينَا عَنْ قِيَامِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتِ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: فَإِنَّهَا كَانَتْ قِيَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، وحُبس آخِرُهَا فِي السَّمَاءِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ نَزَلَ.
وَقَالَ مَعْمَر، عَنْ قَتَادَةَ: {قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا} قَامُوا حَوْلًا أَوْ حَوْلَيْنِ، حَتَّى انتفخت سوقُهم