الْآيَاتِ الْأُخَرِ عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {فَذَرْهُمْ} أَيْ: يَا مُحَمَّدُ {يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا} أَيْ: دَعْهُمْ فِي تَكْذِيبِهِمْ وَكُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ، {حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} أَيْ: فَسَيَعْلَمُونَ غِبَّ ذَلِكَ وَيَذُوقُونَ وَبَالَهُ {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ} أَيْ: يَقُومُونَ مِنَ الْقُبُورِ إِذَا دَعَاهُمُ الرَّبُّ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، لِمَوْقِفِ الْحِسَابِ، يَنْهَضُونَ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوْفِضُونَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ: إِلَى عَلَم يَسْعَوْنَ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: إِلَى غَايَةٍ يَسْعَوْنَ إِلَيْهَا.

وَقَدْ قَرَأَ الْجُمْهُورُ: "نَصْب" بِفَتْحِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَنْصُوبِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: {نُصُبٍ} بِضَمِّ النُّونِ وَالصَّادِّ، وَهُوَ الصَّنَمُ، أَيْ: كَأَنَّهُمْ فِي إِسْرَاعِهِمْ إِلَى الْمَوْقِفِ كَمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا يُهَرْوِلُونَ إِلَى النُّصُبِ إِذَا عَايَنُوهُ يُوْفِضُونَ، يَبْتَدِرُونَ، أَيُّهُمْ يَسْتَلِمُهُ أَوَّلَ. وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَيَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَمُسْلِمٍ البَطين (?) وَقَتَادَةَ، وَالضَّحَّاكِ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، وَأَبِي صَالِحٍ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلة، وَابْنِ زَيْدٍ، وَغَيْرِهِمْ.

وَقَوْلُهُ: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} أَيْ: خَاضِعَةً {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} أَيْ: فِي مُقَابَلَةِ مَا اسْتَكْبَرُوا فِي الدُّنْيَا عَنِ الطَّاعَةِ، {ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}

آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ "سَأَلَ سَائِلٌ" وَلِلَّهِ الْحَمْدُ والمنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015