نَارًا" وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} وَقَالَ: كَانَ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ ثَبَتُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا (?) .
وَفِي قَوْلِهِ: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَائِمًا. وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَة قَالَ: كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَتَانِ يَجْلِسُ بينهما، يقرأ القرآن ويذكر الناس.
ولكن هاهنا شَيْءٌ يَنْبَغِي أَنْ يُعلَم وَهُوَ: أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ قَدْ قِيلَ: إِنَّهَا كَانَتْ لَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَدِّمُ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْمَرَاسِيلِ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ، أَخْبَرَنِي أَبُو مُعَاذٍ بُكَير بْنُ مَعروف، أَنَّهُ سَمِعَ مُقَاتل بْنَ حَيَّان يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ مِثْلَ الْعِيدَيْنِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ، وَقَدْ صَلَّى الْجُمُعَةَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ دحيةَ بْنَ خَلِيفَةَ قَدْ قدمَ بِتِجَارَةٍ (?) يَعْنِي: فَانْفَضُّوا، وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا نَفَرٌ يَسِيرٌ.
وَقَوْلُهُ: {قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ} أَيِ: الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الثَّوَابِ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ {خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} أَيْ: لِمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، وَطَلَبَ الرِّزْقَ فِي وَقْتِهِ.