{فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17) }
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنِ الْمُنَافِقِينَ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَضْرَابِهِ، حِينَ بُعِثُوا إِلَى يَهُودِ بَنِي النَّضِيرِ يَعدُونهم النَّصْرَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَقَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} أَيْ: لَكَاذِبُونَ فِيمَا وَعَدُوهُمْ بِهِ إِمَّا أَنَّهُمْ (?) قَالُوا لَهُمْ قَوْلًا مِنْ نِيَّتِهِمْ أَلَّا يَفُوا لَهُمْ بِهِ، وَإِمَّا أَنَّهُمْ (?) لَا يَقَعُ مِنْهُمُ الَّذِي قَالُوهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ} أَيْ: لَا يُقَاتِلُونَ مَعَهُمْ، {وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ} أَيْ: قَاتَلُوا مَعَهُمْ {لَيُوَلُّنَّ الأدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} وَهَذِهِ بِشَارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {لأنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ} أَيْ: يَخَافُونَ مِنْكُمْ أَكْثَرَ مِنْ خَوْفِهِمْ مِنَ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ: {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} [النِّسَاءِ: 77] ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ}
ثُمَّ قَالَ {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} (?) يَعْنِي: أَنَّهُمْ مِنْ جُبنهم وهَلَعهم لَا يَقْدِرُونَ عَلَى مُوَاجَهَةِ جَيْشِ الْإِسْلَامِ بِالْمُبَارَزَةِ وَالْمُقَابَلَةِ (?) بَلْ إِمَّا فِي حُصُونٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ (?) مُحَاصَرِينَ، فَيُقَاتِلُونَ للدفع عنهم ضرورة.