وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَة، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ: أَنَّهُ سَمِعَ دُرَّةَ بِنْتَ مُعَاذٍ تُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ: أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَتَزَاوَرُ إِذَا مُتْنَا وَيَرَى بَعْضُنَا بَعْضًا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَكُونُ النَسمُ (?) طَيْرًا يَعْلُقُ بِالشَّجَرِ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ دَخَلَتْ كُلُّ نَفْسٍ فِي جَسَدِهَا" (?) .

هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ بِشَارَةٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ، وَمَعْنَى "يَعْلُقُ": يَأْكُلُ، وَيَشْهَدُ لَهُ بِالصِّحَّةِ أَيْضًا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ، عَنِ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّمَا نَسَمة الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجِرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ" (?) . وَهَذَا إِسْنَادٌ عَظِيمٌ، وَمَتْنٌ قَوِيمٌ.

وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ (?) حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ" (?) الْحَدِيثَ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: كَانَ أَوَّلُ يَوْمٍ عَرَفْتُ فِيهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى: رَأَيْتُ شَيْخًا (?) أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ عَلَى حِمَارٍ، وَهُوَ يَتْبَعُ جِنَازَةً، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: حَدَّثَنِي فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ". قَالَ: فَأَكَبَّ الْقَوْمُ يَبْكُونَ فَقَالَ: "مَا يُبكيكم؟ " فَقَالُوا: إِنَّا نَكْرَهُ الْمَوْتَ. قَالَ: "لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّهُ إِذَا حُضِر {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ. فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} ، فَإِذَا بُشِّر بِذَلِكَ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، لِلِقَائِهِ أَحَبُّ {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ. فَنزلٌ مِنْ حَمِيمٍ [وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ] } (?) فَإِذَا بُشِّر بِذَلِكَ كَرِهَ لِقَاءَ الله، والله للقاءه أَكْرَهُ.

هَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (?) ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-شَاهِدٌ لِمَعْنَاهُ (?) .

وَقَوْلُهُ: {وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} أَيْ: وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمُحْتَضَرُ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ، {فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} أَيْ: تُبَشِّرُهُمُ الْمَلَائِكَةُ بِذَلِكَ، تَقُولُ لِأَحَدِهِمْ: سَلَامٌ لَكَ، أَيْ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، أَنْتَ إِلَى سَلَامَةٍ، أَنْتَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: سَلِمَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وسَلَّمت عَلَيْهِ مَلَائِكَةُ اللَّهِ. كَمَا قَالَ عِكْرِمَة تُسَلِّمُ عَلَيْهِ الملائكة، وتخبره أنه من أصحاب اليمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015