عَلَى سَيْفِهِ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ: أُرَاهُ كَانَ سَاحِرًا، وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، قِصَّةَ عُمَرَ، وَحَفْصَةَ (?) عَلَى سِحْر يَكُونُ شِرْكًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَصْلٌ

حَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا وُجُودَ السِّحْرِ، قَالَ: وَرُبَّمَا كَفَّرُوا مَنِ اعْتَقَدَ وَجُودَهُ. قَالَ: وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَقَدْ جَوَّزُوا أَنْ يَقْدِرَ السَّاحِرُ أَنْ يَطِيرَ فِي الْهَوَاءِ، وَيَقْلِبَ الْإِنْسَانَ حِمَارًا، وَالْحِمَارَ إِنْسَانًا، إِلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ الْأَشْيَاءَ عِنْدَمَا يَقُولُ السَّاحِرُ تِلْكَ الرُّقَى وَ [تِلْكَ] (?) الْكَلِمَاتِ المُعَيَّنة، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ هُوَ الْفَلَكُ وَالنُّجُومُ فَلَا خِلَافًا لِلْفَلَاسِفَةِ وَالْمُنَجِّمِينَ الصَّابِئَةِ، ثُمَّ اسْتُدِلَّ عَلَى وُقُوعِ السِّحْرِ وَأَنَّهُ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ} وَمِنَ الْأَخْبَارِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُحِر، وَأَنَّ السِّحْرَ عَمِل فِيهِ، وَبِقِصَّةِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ مَعَ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَمَا ذَكَرَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ مِنْ إِتْيَانِهَا بَابِلَ وَتَعَلُّمِهَا السِّحْرَ، قَالَ: وَبِمَا يُذْكَرُ (?) فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْحِكَايَاتِ الْكَثِيرَةِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ هَذَا:

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ فِي أَنَّ الْعِلْمَ بِالسِّحْرِ لَيْسَ بِقَبِيحٍ وَلَا مَحْظُورٍ: اتَّفَقَ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ (?) الْعِلْمَ لِذَاتِهِ شَرِيفٌ وَأَيْضًا لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزُّمَرِ: 9] ؛ وَلِأَنَّ السِّحْرَ لَوْ لَمْ يَكُنْ يُعَلَّمُ لِمَا أَمْكَنَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعْجِزَةِ، وَالْعِلْمُ بِكَوْنِ الْمُعْجِزِ مُعْجِزًا وَاجِبٌ، وَمَا يَتَوَقَّفُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فَهُوَ وَاجِبٌ؛ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ تَحْصِيلُ الْعِلْمِ بِالسِّحْرِ وَاجِبًا، وَمَا يَكُونُ وَاجِبًا فَكَيْفَ يَكُونُ حَرَامًا وَقَبِيحًا؟!

هَذَا لَفْظُهُ بِحُرُوفِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهَذَا الْكَلَامُ فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ، أَحَدُهَا: قولُهُ: "الْعِلْمُ بِالسِّحْرِ لَيْسَ بِقَبِيحٍ". إِنْ عَنَى بِهِ لَيْسَ بِقَبِيحٍ عَقْلًا فَمُخَالَفُوهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ يَمْنَعُونَ هَذَا (?) وَإِنْ عَنَى أَنَّهُ لَيْسَ بِقَبِيحٍ شَرْعًا، فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ تَبْشِيعٌ (?) لِتَعَلُّمِ السِّحْرِ، وَفِي الصَّحِيحِ: "مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ" (?) . وَفِي السُّنَنِ: "مَنْ عَقَدَ عُقْدَةً وَنَفَثَ فِيهَا فَقَدْ سَحَرَ" (?) . وَقَوْلُهُ: وَلَا مَحْظُورَ اتَّفَقَ الْمُحَقِّقُونَ عَلَى ذَلِكَ". كَيْفَ لَا يَكُونُ مَحْظُورًا مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ؟! وَاتِّفَاقُ الْمُحَقِّقِينَ (?) يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَدْ نَصَّ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَئِمَّةُ الْعُلَمَاءِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ، وَأَيْنَ نُصُوصُهُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ ثُمَّ إِدْخَالُهُ [عِلْمَ] (?) السِّحْرِ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا دَلَّتْ عَلَى مدح العالمين بالعلم الشرعي، ولم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015