تَفْسِيرُ سُورَةِ الرَّحْمَنِ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ: كَيْفَ تَعْرِفُ هَذَا الْحَرْفَ: "مَاءٍ غَيْرِ يَاسِنٍ أَوْ آسِنٍ"؟ فَقَالَ: كُلَّ الْقُرْآنِ قَدْ قَرَأْتَ. قَالَ: إِنِّي لَأَقْرَأُ الْمُفَصَّلَ؛ أَجْمَعَ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ. فَقَالَ: أَهَذًّا كهذِّ الشِّعْرِ، لَا أَبَا لَكَ؟ قَدْ عَلِمْتُ قَرَائِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي كَانَ يَقْرِنُ قَرِينَتَيْنِ قَرِينَتَيْنِ مِنْ أَوَّلِ الْمُفَصَّلِ، وَكَانَ أَوَّلَ مُفَصَّلِ ابْنِ مَسْعُودِ: {الرَّحْمَنُ} (?) .
وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَاقِدٍ أَبُو مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِر، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ "الرَّحْمَنِ" مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، فَسَكَتُوا فَقَالَ: "لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الْجِنِّ لَيْلَةَ الْجِنِّ، فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ، كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ، قَالُوا: لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ -رَبَّنَا-نُكَذِّبُ، فَلَكَ الْحَمْدُ" (?) .
ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. ثُمَّ حَكَى عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَعْرِفُهُ، يُنْكِرُ (?) رِوَايَةَ أَهْلِ الشَّامِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ هَذَا.
وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ شَبَّوَيْهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، بِهِ. ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْرِفُهُ يُرْوَى إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (?) .
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى، وَعَمْرُو بْنُ مَالِكٍ الْبَصْرِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ سُورَةَ "الرَّحْمَنِ" -أَوْ: قُرِئَت عِنْدَهُ-فَقَالَ: "مَا لِي أَسْمَعُ الْجِنَّ أَحْسَنَ جَوَابًا لِرَبِّهَا مِنْكُمْ؟ " قَالُوا: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "مَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِ اللَّهِ: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} إِلَّا قَالَتِ الْجِنُّ: لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعْمَةِ (?) رَبِّنَا نُكَذِّبُ".
وَرَوَاهُ الْحَافِظُ الْبَزَّارُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، بِهِ (?) . ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ هَذَا الوجه بهذا الإسناد.