أَلْفًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ، وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ، وَمُجَاهِدٌ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ: "هَلْ تَدْرُونَ مَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "فَإِنَّهُ مَسْجِدٌ فِي السَّمَاءِ بِحِيَالِ الْكَعْبَةِ، لَوْ خَرَّ لَخَرَّ عَلَيْهَا، يُصَلَّى فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ".

وَزَعَمَ الضَّحَّاكُ أَنَّهُ يُعَمِّرُهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمْ: الحِن (?) ، مِنْ قَبِيلَةِ إِبْلِيسَ (?) ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} : قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَأَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاك، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَة، عَنْ عَلِيٍّ: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} يَعْنِي: السَّمَاءَ، قَالَ سُفْيَانُ: ثُمَّ تَلَا {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} [الْأَنْبِيَاءِ: 32] . وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَابْنُ جُرَيْج، وَابْنُ زَيْدٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ.

وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: هُوَ الْعَرْشُ يَعْنِي: أَنَّهُ سَقْفٌ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَلَهُ اتِّجَاهٌ، وَهُوَ يُراد مَعَ غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ.

وَقَوْلُهُ: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} : قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: هُوَ الْمَاءُ الَّذِي تَحْتَ الْعَرْشِ، الَّذِي يُنْزِلُ [اللَّهُ] (?) مِنْهُ الْمَطَرَ الَّذِي يُحْيِي بِهِ الْأَجْسَادَ فِي قُبُورِهَا يَوْمَ مَعَادِهَا. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: هُوَ هَذَا الْبَحْرُ. وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {الْمَسْجُورِ} ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ أَنَّهُ يُوقَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَارًا كَقَوْلِهِ: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} [التَّكْوِيرِ: 6] أَيْ: أُضْرِمَتْ فَتَصِيرُ (?) نَارًا تَتَأَجَّجُ، مُحِيطَةً بِأَهْلِ الْمَوْقِفِ. رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ’ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، ورُوي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَبِهِ يَقُولُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمير (?) وَغَيْرُهُمْ.

وَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ بَدْرٍ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَحْرَ الْمَسْجُورَ لِأَنَّهُ لَا يُشرب مِنْهُ مَاءٌ، وَلَا يُسْقَى بِهِ زَرْعٌ، وَكَذَلِكَ الْبِحَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. كَذَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبير: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} يَعْنِي: الْمُرْسَلَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: { [وَالْبَحْرِ] الْمَسْجُورِ} (?) الْمَمْلُوءُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُوقَدًا الْيَوْمَ فَهُوَ مَمْلُوءٌ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْفَارِغُ، قَالَ الْأَصْمَعِيُّ عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ ذِي الرُّمَّةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} قَالَ: الْفَارِغُ؛ خَرَجَتْ أُمَّةٌ تَسْتَسْقِي فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ: "إِنَّ الْحَوْضَ مَسْجُورٌ"، تَعْنِي: فَارِغًا. رَوَاهُ ابْنُ مردويه في مسانيد الشعراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015