وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} قَالَ: لَا تَدْعُوا قَبْلَ الْإِمَامِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَاسًا كَانُوا يَقُولُونَ: لَوْ أُنْزِلَ فِي كَذَا كَذَا، وَكَذَا لَوْ صُنِعَ كَذَا، فَكَرِهَ اللَّهُ ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ فِيهِ.

{وَاتَّقُوا اللَّهَ} أَيْ: فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ، {إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ} أَيْ: لِأَقْوَالِكُمْ {عَلِيمٌ} بِنِيَّاتِكُمْ.

وَقَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} : هَذَا أَدَبٌ ثَانٍ أَدَّبَ اللَّهُ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَلَّا يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [فَوْقَ صَوْتِهِ] (?) . وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا بُسْرَةُ بْنُ صَفْوَانَ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثَنَا نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَة قَالَ: كَادَ الخيِّران أَنْ يَهْلَكَا، أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ، فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ، وَأَشَارَ الْآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ -قَالَ نَافِعٌ: لَا أَحْفَظُ اسْمَهُ-فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: مَا أَرَدْتَ إِلَّا خِلَافِي. قَالَ: مَا أَرَدْتُ خِلَافَكَ. فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} الْآيَةَ، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَمَا كَانَ عُمَرُ يسمعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ: يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. انْفَرَدَ بِهِ دُونَ مُسْلِمٍ (?) .

ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاج، عَنِ ابْنُ جُرَيْج، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ قَدم رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِّرِ القعقاعَ بْنَ مَعْبد. وَقَالَ عُمَرُ: بَلْ أَمِّرِ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَرَدْتَ إِلَى -أَوْ: إِلَّا-خِلَافِي. فَقَالَ عُمَرُ: مَا أردتُ خلافَك، فَتَمَارَيَا حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَنَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} ، حَتَّى انْقَضَتِ الْآيَةُ، {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ} الْآيَةَ [الْحُجُرَاتِ: 5] .

وَهَكَذَا رَوَاهُ هَاهُنَا مُنْفَرِدًا بِهِ أَيْضًا (?) .

وَقَالَ (?) الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ عُمَر، عَنْ مُخَارق، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ إلا كأخي السّرار (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015