الْأَنْفُسُ"- {وَتَلَذُّ الأعْيُنُ} أَيْ: طِيبَ الطَّعْمِ وَالرِّيحِ وَحُسْنَ الْمَنْظَرِ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، أَخْبَرَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ (?) ، عَنْ (?) عِكْرِمَةَ -مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ-أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً وَأَسْفَلَهُمْ دَرَجَةً لَرَجُلٌ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بَعْدَهُ أَحَدٌ، يُفْسَحُ لَهُ فِي بَصَرِهِ مَسِيرَةَ مِائَةِ عَامٍ فِي قُصُورٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَخِيَامٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ، لَيْسَ فِيهَا مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلَّا مَعْمُورٌ يُغَدَّى عَلَيْهِ وَيُرَاحُ بِسَبْعِينَ أَلْفَ صَحْفَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، لَيْسَ فِيهَا صَحْفَةٌ إِلَّا فِيهَا لَوْنٌ لَيْسَ فِي الْأُخْرَى، مِثْلُهُ شَهْوَتُهُ فِي آخِرِهَا كَشَهْوَتِهِ فِي أَوَّلِهَا، لَوْ نَزَلَ بِهِ جَمِيعُ أَهْلِ الْأَرْضِ لَوَسِعَ عَلَيْهِمْ مِمَّا أُعْطِيَ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِمَّا أُوتِيَ شَيْئًا" (?) .
وَقَالَ (?) ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَادٍ السَّرْحِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، عَنْ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ -وَذَكَرَ الْجَنَّةَ-فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَيَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمُ اللُّقْمَةَ فَيَجْعَلُهَا فِي فِيهِ، ثُمَّ يَخْطُرُ عَلَى بَالِهِ طَعَامٌ آخَرُ، فَيَتَحَوَّلُ الطَّعَامُ الَّذِي فِي فِيهِ عَلَى الَّذِي اشْتَهَى" ثُمَّ قَرَأَ: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ (?) الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (?) .
وَقَالَ (?) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ -هُوَ ابْنُ مُوسَى-حَدَّثَنَا سُكَيْن بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ الضَّرِيرُ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَب، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (?) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً إِنَّ لَهُ لَسَبْعَ دَرَجَاتٍ، وَهُوَ عَلَى السَّادِسَةِ وَفَوْقَهُ السَّابِعَةُ، وَإِنَّ لَهُ ثلثمائة خادم، ويغدى عليه ويراح كل يوم بثلثمائة صَحْفَةٍ -وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: مِنْ ذَهَبٍ-فِي كُلِّ صَحْفَةٍ لَوْنٌ لَيْسَ فِي الْأُخْرَى، وَإِنَّهُ لَيَلَذُّ أَوَّلَهُ كَمَا يَلَذُّ آخِرَهُ، وَمِنَ الْأَشْرِبَةِ ثَلَاثَمِائَةِ إِنَاءٍ، فِي كُلِّ إِنَاءٍ لَوْنٌ لَيْسَ فِي الْآخَرِ، وَإِنَّهُ لَيَلَذُّ أَوَّلَهُ كَمَا يَلَذُّ آخِرَهُ، وَإِنَّهُ يَقُولُ: يَا رَبِّ، لَوْ أَذِنْتَ لِي لَأَطْعَمْتُ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَسَقَيْتُهُمْ، لَمْ يَنْقُصْ مِمَّا عِنْدِي شَيْءٌ، وَإِنَّ لَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ لَاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً، سِوَى أَزْوَاجِهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِنَّ الْوَاحِدَةَ مِنْهُنَّ لَيَأْخُذُ مَقْعَدُهَا قَدْرَ مَيْلٍ مِنَ الْأَرْضِ" (?) .
{وَأَنْتُمْ فِيهَا} أَيْ: فِي الْجَنَّةِ {خَالِدُونَ} أَيْ: لَا تَخْرُجُونَ مِنْهَا وَلَا تَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا. ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ عَلَى وَجْهِ التَّفَضُّلِ وَالِامْتِنَانِ: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} أَيْ: أَعْمَالُكُمُ الصَّالِحَةُ كَانَتْ سَبَبًا لِشُمُولِ رَحْمَةِ اللَّهِ إِيَّاكُمْ، فَإِنَّهُ لَا يُدْخِلُ أَحَدًا عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، وَلَكِنْ بِفَضْلٍ من الله ورحمته.