وقوله: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ} ، قَالَ مُجَاهِدٌ: الْمَقَالِيدُ هِيَ: الْمَفَاتِيحُ بِالْفَارِسِيَّةِ. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَابْنُ زَيْدٍ، وَسُفْيَانُ ابْنُ عيينة.
وقال السدي: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ} أي: خزائن السموات وَالْأَرْضِ.
وَالْمَعْنَى عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ: أَنَّ أزمَّة الْأُمُورِ بِيَدِهِ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} أَيْ: حُجَجِهِ وَبَرَاهِينِهِ {أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}
وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ هَاهُنَا حَدِيثًا غَرِيبًا جِدًّا -وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ-وَلَكِنْ (?) نَذْكُرُهُ كَمَا ذَكَرَهُ، فَإِنَّهُ قَالَ:
حَدَّثَنَا يَزِيدُ (?) بْنُ سِنان الْبَصْرِيُّ بِمِصْرَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا الْأَغْلَبُ بْنُ تَمِيمٍ، عَنْ مُخَلَّدِ بْنِ هُذَيْلٍ الْعَبْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن تفسير: {لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ} فَقَالَ: "مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ يَا عُثْمَانُ"، قَالَ: "تَفْسِيرُهَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ، وَالظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، مَنْ قَالَهَا يَا عُثْمَانُ إِذَا أَصْبَحَ عَشْرَ مِرَارٍ أُعْطِيَ خِصَالًا سِتًّا: أَمَّا أُولَاهُنَّ: فَيُحْرَسُ مِنْ إِبْلِيسَ وَجُنُودِهِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَيُعْطَى قِنْطَارًا مِنَ الْأَجْرِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ: فَتُرْفَعُ (?) لَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الرَّابِعَةُ: فَيَتَزَوَّجُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَأَمَّا الْخَامِسَةُ: فَيَحْضُرُهُ (?) اثْنَا عَشَرَ مَلَكًا، وَأَمَّا السَّادِسَةُ: فَيُعْطَى مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ. وَلَهُ مَعَ هَذَا يَا عُثْمَانُ مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ حَجَّ وَتُقُبِّلَتْ حَجَّتُهُ، وَاعْتَمَرَ فَتُقُبِّلَتْ عُمْرَتُهُ، فَإِنْ مَاتَ مِنْ يَوْمِهِ طُبِعَ بِطَابِعِ الشُّهَدَاءِ".
وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ حَمَّادٍ، بِهِ مِثْلَهُ (?) . وَهُوَ غَرِيبٌ، وَفِيهِ نَكَارَةٌ شَدِيدَةٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ} ذَكَرُوا فِي سَبَبِ نُزُولِهَا مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ] (?) : إِنَّ الْمُشْرِكِينَ بِجَهْلِهِمْ دَعَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عِبَادَةِ آلِهَتِهِمْ، وَيَعْبُدُوا مَعَهُ إِلَهَهُ، فَنَزَلَتْ: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الْأَنْعَامِ:88] .
وَقَوْلُهُ: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} أَيْ: أَخْلِصِ الْعِبَادَةَ لِلَّهِ وَحْدَهُ، لا شريك له، أنت