اشْتَغَلَ بِهَا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الصَّلَاةِ؛ وَلِهَذَا لَمَّا خَرَجَ عَنْهَا لِلَّهِ تَعَالَى (?) عَوَّضَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا (?) هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا وَهِيَ (?) الرِّيحُ الَّتِي تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ فَهَذَا أَسْرَعُ وَخَيْرٌ مِنَ الْخَيْلِ (?)
وَقَالَ (?) الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ (?) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَأَبِي الدَّهْمَاءِ -وَكَانَا يُكْثِرَانِ السَّفَرَ نَحْوَ الْبَيْتِ-قَالَا أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، فَقَالَ الْبَدَوِيُّ: أَخَذَ بِيَدِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فجعل يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ: "إِنَّكَ لَا تَدَعُ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ (?) -عَزَّ وَجَلَّ-إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ" (?)
{وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لأحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ (38) هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (40) }
يَقُولُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} أَيِ: اخْتَبَرْنَاهُ بِأَنْ سَلَبْنَاهُ الْمُلْكَ مَرَّةً، {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ: يَعْنِي شَيْطَانًا. {ثُمَّ أَنَابَ} أَيْ: (?) رَجَعَ إِلَى مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ وَأُبَّهَتِهِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَكَانَ اسْمُ ذَلِكَ الشَّيْطَانِ صَخْرًا. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ. وَقِيلَ: آصِفُ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقِيلَ: آصِرُوا. قَالَهُ مُجَاهِدٌ أَيْضًا. وَقِيلَ: حبقيقُ. قَالَهُ السُّدِّيُّ. وَقَدْ ذَكَرُوا هَذِهِ الْقِصَّةَ مَبْسُوطَةً وَمُخْتَصَرَةً.
وَقَدْ قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبة عَنْ قَتَادَةَ: قَالَ أَمَرَ سُلَيْمَانُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ بِبِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقِيلَ لَهُ: ابْنِهِ وَلَا يُسمَعُ فِيهِ صَوْتُ حَدِيدٍ. فَقَالَ: فَطَلَبَ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ شَيْطَانًا فِي الْبَحْرِ يُقَالُ لَهُ: "صَخْرٌ" شِبْهُ الْمَارِدِ. قَالَ: فَطَلَبَهُ وَكَانَتْ عَيْنٌ فِي الْبَحْرِ يَردهُا فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ مَرَّةً فَنُزِحَ مَاؤُهَا وَجُعِلَ فِيهَا خَمْرٌ، فَجَاءَ يَوْمَ ورْده فَإِذَا هُوَ بِالْخَمْرِ فَقَالَ: إِنَّكِ لَشَرَابٌ طَيِّبٌ إِلَّا أَنَّكِ تُصْبِينَ الْحَلِيمَ، وَتَزِيدِينَ الْجَاهِلَ جَهْلًا. ثُمَّ رَجَعَ حَتَّى عَطِشَ عَطَشًا شَدِيدًا ثُمَّ أَتَاهَا (?) فَقَالَ: إِنَّكِ لَشَرَابٌ طَيِّبٌ إِلَّا أَنَّكِ تُصْبِينَ الْحَلِيمَ، وَتَزِيدِينَ الْجَاهِلَ جَهْلًا. ثُمَّ شَرِبَهَا حَتَّى غَلَبَتْ عَلَى عَقْلِهِ، قَالَ: فَأُرِيَ الْخَاتَمَ أَوْ خُتِمَ بِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَذَلَّ. قَالَ: وَكَانَ مُلْكُهُ فِي خَاتَمِهِ فأتي به سليمان فقال: إنه