السَّمَاءِ فَقَالَ: {كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} أَيْ: مِنْ أُمَّةٍ مُكَذِّبَةٍ، {فَنَادَوْا} أَيْ: (?) حِينَ جَاءَهُمُ الْعَذَابُ اسْتَغَاثُوا وَجَأَرُوا إِلَى اللَّهِ. وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُجْدٍ عَنْهُمْ شَيْئًا. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ} ] الْأَنْبِيَاءِ: 12 [أَيْ: يَهْرَبُونَ، {لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} ] الْأَنْبِيَاءِ: 13 [

قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ التَّمِيمِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} قَالَ: لَيْسَ بِحِينِ نِدَاءٍ، وَلَا نَزْوٍ وَلَا فِرَارٍ (?)

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَيْسَ بِحِينِ مِغَاثٍ.

وَقَالَ شَبِيبُ بْنُ بِشْرٍ (?) عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ (?) ابْنِ عَبَّاسٍ: نَادَوُا النِّدَاءَ حِينَ لَا يَنْفَعُهُمْ وَأَنْشَدَ:

تَذَكَّر لَيْلَى لاتَ حِينَ تذَكّر (?) .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ: {فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} يَقُولُ: نَادَوْا بِالتَّوْحِيدِ حِينَ تَوَلَّتِ الدُّنْيَا عَنْهُمْ، وَاسْتَنَاصُوا لِلتَّوْبَةِ حِينَ تَوَلَّتِ الدُّنْيَا عَنْهُمْ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ أَرَادُوا التَّوْبَةَ فِي غَيْرِ حِينِ النِّدَاءِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} لَيْسَ بِحِينِ فِرَارٍ وَلَا إِجَابَةٍ.

وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ عِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي مَالِكٍ وَالضَّحَّاكِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ.

وَعَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: {وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ} وَلَا نِدَاءَ فِي غَيْرِ حِينِ النِّدَاءِ.

وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ وَهِيَ "لَاتَ" هِيَ "لَا" الَّتِي لِلنَّفْيِ، زِيدَتْ مَعَهَا "التَّاءُ" كَمَا تُزَادُ فِي "ثُمَّ" فَيَقُولُونَ: "ثُمَّتْ"، وَ "رُبَّ" فَيَقُولُونَ: "رُبَّتْ". وَهِيَ مَفْصُولَةٌ وَالْوَقْفُ عَلَيْهَا. وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى عَنِ الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ فِيمَا ذَكَرَهُ [ابْنُ جَرِيرٍ] (?) أَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِحِينَ: "وَلَا تَحِينَ مَنَاصٍ". وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ. ثُمَّ قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِنَصْبِ "حِينَ" تَقْدِيرُهُ: وَلَيْسَ الْحِينُ حِينَ مَنَاصٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ النَّصْبَ بِهَا، وَأَنْشَدَ:

تَذَكَّر حُب لَيْلَى لاتَ حِينَا ... وأَضْحَى الشَّيْبُ قَدْ قَطَع القَرينا (?)

وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ الْجَرَّ بِهَا، وَأَنْشَدَ:

طَلَبُوا صُلْحَنَا ولاتَ أوانٍ ... فأجَبْنَا أن ليس حينُ بقاءِ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015