أَبِي سُفْيَانَ، فَذَكَرُوا الذَّبِيحَ: إِسْمَاعِيلُ أَوْ إِسْحَاقُ؟ فَقَالَ عَلَى الْخَبِيرِ (?) سَقَطْتُمْ، كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عُدْ عَلَيَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ الذَّبِيحَيْنِ. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا الذَّبِيحَانِ؟ فَقَالَ: إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ لَمَّا أُمِرَ بِحَفْرِ زَمْزَمَ نَذَرَ لِلَّهِ إِنَّ سَهَّلَ اللَّهُ أَمْرَهَا عَلَيْهِ، لَيَذْبَحَنَ أَحَدَ وَلَدِهِ، قَالَ: فَخَرَجَ السَّهْمُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ فَمَنَعَهُ أَخْوَالُهُ وَقَالُوا: افْدِ ابْنَكَ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ. فَفَدَاهُ بِمِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ، وَإِسْمَاعِيلُ الثَّانِي (?) .

وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا. وَقَدْ رَوَاهُ الْأُمَوِيُّ فِي مَغَازِيهِ: حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا عبيد الله (?) بن محمد العتبي -من ولد عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ-حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الصُّنَابِحِيُّ قَالَ: حَضَرْنَا مَجْلِسَ مُعَاوِيَةَ، فَتَذَاكَرَ الْقَوْمُ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ، وَذَكَرَهُ. كَذَا كَتَبْتُهُ مِنْ نُسْخَةٍ مَغْلُوطَةٍ (?) .

وَإِنَّمَا عَوَّلَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي اخْتِيَارِهِ أَنَّ الذَّبِيحَ إِسْحَاقُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ} ، فَجَعَلَ هَذِهِ الْبِشَارَةَ هِيَ الْبِشَارَةُ بِإِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} [الذَّارِيَاتِ:28] . وَأَجَابَ عَنِ الْبِشَارَةِ بِيَعْقُوبَ بِأَنَّهُ قَدْ كَانَ بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ، أَيِ الْعَمَلَ. وَمِنَ الْمُمْكِنِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ وُلِدَ لَهُ أَوْلَادٌ مَعَ يَعْقُوبَ أَيْضًا. قَالَ: وَأَمَّا الْقَرْنَانِ اللَّذَانِ كَانَا مُعَلَّقَيْنِ بِالْكَعْبَةِ فَمِنَ الْجَائِزِ أَنَّهُمَا نُقِلَا مِنْ بِلَادِ الشَّامِ. قَالَ: وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِنَ النَّاسِ مِنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ ذَبَحَ إِسْحَاقَ هُنَاكَ. هَذَا مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ، وَلَيْسَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بِمَذْهَبٍ وَلَا لَازِمٍ، بَلْ هُوَ بَعِيدٌ جِدًّا، وَالَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ عَلَى أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ أَثْبَتُ وَأَصَحُّ وَأَقْوَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (?) .

وَقَوْلُهُ: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} ، لَمَّا تَقَدَّمَتِ الْبِشَارَةُ بِالذَّبِيحِ -وَهُوَ إِسْمَاعِيلُ-عَطَفَ بِذِكْرِ الْبِشَارَةِ بِأَخِيهِ إِسْحَاقَ، وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي سُورَتَيْ (?) هُودٍ" وَ "الْحِجْرِ" (?) .

وَقَوْلُهُ: {نَبِيًّا} حَالٌ مُقَدَّرَةٌ، أَيْ: سَيَصِيرُ مِنْهُ نَبِيٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ. قَالَ: وَقَوْلُهُ: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} قَالَ: بَشَّرَ بِنُبُوَّتِهِ. قَالَ: وَقَوْلُهُ: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} [مَرْيَمَ:53] قَالَ: كَانَ هَارُونُ أَكْبَرَ مِنْ مُوسَى، وَلَكِنْ أَرَادَ: وَهَبَ لَهُ نُبُوَّتَهُ.

وَحَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ دَاوُدَ يُحَدِّثُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} قَالَ: إِنَّمَا بَشَّرَ بِهِ نَبِيًّا حِينَ فَدَاهُ اللَّهُ مِنَ الذَّبْحِ، وَلَمْ تَكُنِ الْبِشَارَةُ بِالنُّبُوَّةِ عِنْدَ مَوْلِدِهِ (?) .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عن داود، عن عكرمة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015