سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ سِمَاك، عَنْ عِكْرِمَةَ (?) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ فِي الْمَنَامِ وَحْي" لَيْسَ هُوَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (?) .

وَإِنَّمَا أَعْلَمُ ابْنَهُ بِذَلِكَ لِيَكُونَ أَهْوَنَ عَلَيْهِ، وَلِيَخْتَبِرَ صَبْرَهُ وَجَلَدَهُ وَعَزْمَهُ مِنْ صِغَرِهِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَاعَةِ أَبِيهِ.

{قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} أَيِ: امْضِ لِمَا أَمَرَكَ (?) اللَّهُ مِنْ ذَبْحِي، {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} أَيْ: سَأَصْبِرُ وَأَحْتَسِبُ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَصَدَقَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، فِيمَا وَعَدَ؛ وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مَرْيَمَ:54، 55] .

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} أَيْ: فَلَمَّا تَشَهَّدَا وَذَكَرَا اللَّهَ تَعَالَى (?) إِبْرَاهِيمُ عَلَى الذَّبْحِ وَالْوَلَدُ عَلَى شَهَادَةِ الْمَوْتِ. وَقِيلَ: {أَسْلَمَا} ، [يَعْنِي] (?) : اسْتَسْلَمَا وَانْقَادَا؛ إِبْرَاهِيمُ امْتَثَلَ أمْرَ اللَّهِ، وَإِسْمَاعِيلُ طَاعَةَ اللَّهِ وَأَبِيهِ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَغَيْرُهُمْ.

وَمَعْنَى {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} أَيْ: صَرَعَهُ عَلَى وَجْهِهِ لِيَذْبَحَهُ مِنْ قَفَاهُ، وَلَا يُشَاهِدَ وَجْهَهُ عِنْدَ ذَبْحِهِ، لِيَكُونَ أَهْوَنَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ (?) وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} : أَكَبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُرَيْج (?) وَيُونُسُ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الغَنَويّ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ (?) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا أُمِرَ إِبْرَاهِيمُ بِالْمَنَاسِكِ (?) عَرَض لَهُ الشَّيْطَانُ عِنْدَ السَّعْيِ، فَسَابَقَهُ فَسَبَقَهُ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ جِبْرِيلُ إِلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَعَرَضَ لَهُ الشَّيْطَانُ، فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ حَتَّى ذَهَبَ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتِ، وثَمّ تَلَّه لِلْجَبِينِ، وَعَلَى إِسْمَاعِيلَ قَمِيصٌ أَبْيَضُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَتِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي ثَوْبٌ تُكَفِّنُنِي فِيهِ غَيْرُهُ، فَاخْلَعْهُ حَتَّى تُكَفِّنَنِي فِيهِ. فَعَالَجَهُ لِيَخْلَعَهُ، فنُوديَ مِنْ خَلْفِهِ: {أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} ، فَالْتَفَتَ إِبْرَاهِيمُ فَإِذَا بِكَبْشٍ أَبْيَضَ أَقْرَنَ أَعْيَنَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا نَتْبَعُ ذَلِكَ الضَّرْبَ مِنَ الْكِبَاشِ.

وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ فِي "الْمَنَاسِكِ" بِطُولِهِ (?) . ثُمَّ رَوَاهُ أَحْمَدُ بِطُولِهِ عَنْ يُونُسَ، عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير (?) ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: "إِسْحَاقُ" (?) . فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَسْمِيَةِ الذَّبِيحِ (?) رِوَايَتَانِ، وَالْأَظْهَرُ عَنْهُ إِسْمَاعِيلُ، لِمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015