الْمَذْكُورَةَ فِي الْقُرْآنِ [الْعَظِيمِ] (?) قَرْيَةٌ أُخْرَى غَيْرُ أَنْطَاكِيَةَ، كَمَا أَطْلَقَ ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ أَيْضًا. أَوْ تَكُونُ أَنْطَاكِيَةُ إِنْ كَانَ لَفْظُهَا مَحْفُوظًا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَدِينَةً أُخْرَى غَيْرَ هَذِهِ الْمَشْهُورَةِ الْمَعْرُوفَةِ، فَإِنَّ هَذِهِ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهَا أُهْلِكَتْ لَا فِي الْمِلَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ وَلَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَاللَّهُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أَعْلَمُ.
فَأَمَّا الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتري، حدثنا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا حُسَين الْأَشْقَرُ، حَدَّثَنَا ابْنِ عُيَيْنة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ (?) ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "السُّبَّق ثَلَاثَةٌ: فَالسَّابِقُ إِلَى مُوسَى يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَالسَّابِقُ إِلَى عِيسَى صَاحِبُ يس، وَالسَّابِقُ إِلَى مُحَمَّدٍ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ"، (?) فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ (?) حُسَيْنٍ الأشقر، وهو شيعي متروك، [والله أعلم] . (?)
{يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (32) }
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عباس في قوله: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} أَيْ: يَا وَيْلَ الْعِبَادِ.
وَقَالَ قتادة: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ} : أَيْ يَا حَسْرَةَ الْعِبَادِ عَلَى أَنْفُسِهَا، عَلَى مَا ضَيَّعَتْ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، فَرَّطَتْ فِي جَنْبِ اللَّهِ. قَالَ: وَفِي بَعْضِ الْقِرَاءَةِ: "يَا حَسْرَةَ (?) الْعِبَادِ عَلَى أَنْفُسِهَا".
وَمَعْنَى هَذَا: يَا حَسْرَتَهُمْ وَنَدَامَتَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا عَايَنُوا الْعَذَابَ، كَيْفَ كَذَّبُوا رُسُلَ اللَّهِ، وَخَالَفُوا أَمْرَ اللَّهِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي الدَّارِ الدُّنْيَا الْمُكَذِّبُونَ مِنْهُمْ.
{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} أَيْ: يُكَذِّبُونَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ، وَيَجْحَدُونَ مَا أُرْسِلَ بِهِ مِنَ الْحَقِّ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ} أَيْ: أَلَمْ يَتَّعِظُوا بِمَنْ أَهْلَكَ اللَّهُ قَبْلَهُمْ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ لِلرُّسُلِ، كَيْفَ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ إِلَى هَذِهِ الدُّنْيَا كَرَّةٌ وَلَا رَجْعَةٌ، وَلَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ كَثِيرٌ مِنْ جَهَلَتِهِمْ وفَجَرتهم مِنْ (?) قَوْلِهِمْ: {إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} [الْمُؤْمِنُونَ: 37] ، وَهُمُ الْقَائِلُونَ بِالدَّوْرِ مِنَ الدَّهْرِيَّةِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ جَهْلًا مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَعُودُونَ إِلَى الدُّنْيَا كَمَا كَانُوا فِيهَا، فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ بَاطِلَهُمْ، فَقَالَ: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ} .
وَقَوْلُهُ: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} أَيْ: وَإِنَّ جَمِيعَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ والآتية ستحضر