وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْحَلِفِ بِالْأَمَانَةِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ (?) : حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ خُنَاس بْنِ سُحَيم -أَوْ قَالَ: جَبَلَة بْنُ سُحَيم -قَالَ: أَقْبَلْتُ مَعَ زِيَادِ بْنِ حُدَيْر مِنَ الْجَابِيَةِ فقلتُ فِي كَلَامِي: لَا وَالْأَمَانَةِ. فَجَعَلَ زِيَادٌ يَبْكِي وَيَبْكِي، فَظَنَنْتُ أَنِّي أتيتُ أَمْرًا عَظِيمًا، فَقُلْتُ لَهُ: أَكَانَ يُكْرَهُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْهَى عَنِ الْحَلِفِ بِالْأَمَانَةِ أَشَدَّ النَّهْيِ (?) .
وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ، قَالَ (?) أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الطَّائِيُّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: "من حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا"، تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو دَاوُدَ، رَحِمَهُ اللَّهُ (?) .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} أَيْ: إِنَّمَا حَمَلَ ابْنُ آدَمَ الْأَمَانَةَ وَهِيَ التَّكَالِيفُ لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ مِنْهُمْ وَالْمُنَافِقَاتِ، وَهُمُ الَّذِينَ يُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ خَوْفًا مِنْ أَهْلِهِ وَيُبْطِنُونَ الْكُفْرَ مُتَابَعَةً لِأَهْلِهِ، {وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ} ، وَهُمُ الَّذِينَ ظَاهِرُهُمْ وَبَاطِنُهُمْ عَلَى الشِّرْكِ بِاللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَمُخَالَفَةِ رُسُلِهِ، {وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} أَيْ: وَلِيَرْحَمَ (?) الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْخَلْقِ (?) الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ الْعَامِلِينَ بِطَاعَتِهِ {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} . [آخر تفسير سورة "الأحزاب"] (?)