[أَلَا] (?) إِنَّ الْأَمَانَةَ هِيَ الْفَرَائِضُ.
وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ الطَّاعَةُ.
وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ [قَالَ] (?) : قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: مِنَ الْأَمَانَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ اؤْتُمِنَتْ عَلَى فَرْجِهَا.
وَقَالَ قَتَادَةُ: الْأَمَانَةُ: الدِّينُ وَالْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ.
وَقَالَ مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: الْأَمَانَةُ ثَلَاثَةٌ: الصَّلَاةُ، وَالصَّوْمُ، وَالِاغْتِسَالُ مِنَ الْجَنَابَةِ.
وَكُلُّ هَذِهِ الْأَقْوَالِ لَا تَنَافِيَ بَيْنَهَا، بَلْ هِيَ (?) مُتَّفِقَةٌ وَرَاجِعَةٌ إِلَى أَنَّهَا التَّكْلِيفُ، وَقَبُولُ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي بِشَرْطِهَا، وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ قَامَ بِذَلِكَ أُثِيبَ، وَإِنْ تَرَكَهَا عُوقِبَ، فَقَبِلَهَا الْإِنْسَانُ عَلَى ضَعْفِهِ وَجَهْلِهِ وَظُلْمِهِ، إِلَّا مَنْ وَفَّقَ اللَّهُ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُغِيرَةِ [الْبَصْرِيُّ] (?) ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ وَاقَدٍ -يَعْنِي: أَبَا عُمَرَ الصَّفَّارَ -سَمِعْتُ أَبَا مَعْمَرٍ (?) -يَعْنِي: عَوْنَ بْنَ مَعْمَرٍ -يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ -يَعْنِي: الْبَصْرِيَّ (?) -أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الآية: {إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ} قَالَ: عَرَضَهَا عَلَى السَّبْعِ الطِّبَاقِ الطَّرَائِقِ الَّتِي زُيِّنَتْ بِالنُّجُومِ، وَحَمَلَةِ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، فَقِيلَ لَهَا: هَلْ تَحْمِلِينَ الْأَمَانَةَ وَمَا فِيهَا؟ قَالَتْ: وَمَا فِيهَا؟ قَالَ: قِيلَ لَهَا: إِنْ أَحْسَنْتِ جُزِيت، وَإِنْ أَسَأْتِ عُوقِبْتِ. قَالَتْ: لَا. ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى الْأَرْضِينَ السَّبْعِ الشِّدَادِ، الَّتِي شُدَّتْ بِالْأَوْتَادِ، وَذُلِّلَتْ بِالْمِهَادِ، قَالَ: فَقِيلَ لَهَا: هَلْ تَحْمِلِينَ الْأَمَانَةَ وَمَا فِيهَا؟ قَالَتْ: وَمَا فِيهَا؟ قَالَ: قِيلَ لَهَا: إِنْ أَحْسَنْتِ جُزِيتِ، وَإِنْ أَسَأْتِ عُوقِبْتِ. قَالَتْ: لَا. ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى الْجِبَالِ الشُّمِّ (?) الشَّوَامِخِ الصِّعَابِ الصِّلَابِ، قَالَ: قِيلَ لَهَا: هَلْ تَحْمِلِينَ الْأَمَانَةَ وَمَا فِيهَا؟ قَالَتْ: وَمَا فِيهَا؟ قَالَ: قِيلَ لَهَا: إِنْ أَحْسَنْتِ جُزِيتِ، وَإِنْ أَسَأْتِ عُوقِبْتِ. قَالَتْ: لَا.
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: إِنَّ اللَّهَ حِينَ خلق خلقه، جمع بين الإنس والجن، والسموات والأرض والجبال، فبدأ بالسموات فَعَرَضَ عَلَيْهِنَّ الْأَمَانَةَ وَهِيَ الطَّاعَةُ، فَقَالَ لَهُنَّ: أَتَحْمِلْنَ هَذِهِ الْأَمَانَةَ، وَلَكِنْ عَلَى الْفَضْلِ وَالْكَرَامَةِ وَالثَّوَابِ فِي الْجَنَّةِ ... ؟ فَقُلْنَ: يَا رَبِّ، إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ هَذَا الْأَمْرَ، وَلَيْسَتْ بِنَا قُوَّةٌ، وَلَكِنَّا لَكَ مُطِيعِينَ. ثُمَّ عَرَضَ الْأَمَانَةَ عَلَى الْأَرْضِينَ، فَقَالَ لَهُنَّ: أَتَحْمِلْنَ هَذِهِ الْأَمَانَةَ وَتَقْبَلْنَهَا مِنِّي، وَأُعْطِيكُنَّ الْفَضْلَ وَالْكَرَامَةَ (?) ؟ فَقُلْنَ: لَا صَبْرَ لَنَا عَلَى هَذَا يَا رَبِّ وَلَا نُطِيقُ، وَلَكِنَّا لَكَ سَامِعِينَ مُطِيعِينَ، لَا نَعْصِيكَ فِي شَيْءٍ تَأْمُرُنَا بِهِ. ثُمَّ قَرَّبَ آدَمَ فَقَالَ لَهُ: أَتَحْمِلُ هَذِهِ الْأَمَانَةَ وَتَرْعَاهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا؟ فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ آدَمُ: مَا لِي عِنْدَكَ؟ قَالَ: يَا آدَمُ، إِنْ أَحْسَنْتَ وَأَطَعْتَ وَرَعَيْتَ الْأَمَانَةَ، فَلَكَ عِنْدِي الْكَرَامَةُ وَالْفَضْلُ وَحُسْنُ الثَّوَابِ فِي الْجَنَّةِ. وَإِنْ عَصَيْتَ وَلَمْ ترْعَها حَقَّ رعايتها