14

حَسِيْكَة، ضَعُف حَالُهُ فَتَنَفَّسَ بِمَا يَجِدُهُ مِنَ الْوَسْوَاسِ فِي نَفْسِهِ؛ لِضَعْفِ إِيمَانِهِ، وَشِدَّةِ مَا هُوَ فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْحَالِ.

وَقَوْمٌ آخَرُونَ قَالُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ} يَعْنِي: الْمَدِينَةَ، كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ: "أُرِيتُ [فِي الْمَنَامِ] (?) دارَ هجرتكُم، أَرْضٌ بَيْنَ حَرّتين فَذَهَبَ وَهْلي أَنَّهَا هَجَر، فإذا هي يثرب" (?) ،ش وَفِي لَفْظٍ: "الْمَدِينَةُ".

فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ الْبَرَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من سَمَّى الْمَدِينَةَ يَثْرِبَ، فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ، هِيَ طَابَةٌ، هِيَ طَابَةٌ" (?) .

تَفَرَّدَ بِهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَفِي (?) إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَيُقَالُ: إِنَّمَا كَانَ أَصْلُ تَسْمِيَتِهَا "يَثْرِبَ" بِرَجُلٍ نَزَلَهَا مِنَ الْعَمَالِيقَ، يُقَالُ لَهُ: يَثْرِبُ بْنُ عُبَيْلِ بْنِ مَهْلَابِيلَ بْنِ عَوْصِ بْنِ عِمْلَاقِ بْنِ لَاوِذَ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامَ بْنِ نُوحٍ. قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ لَهَا [فِي التَّوْرَاةِ] (?) أَحَدَ عَشَرَ اسْمًا: الْمَدِينَةُ، وَطَابَةُ، وَطَيِّبَةُ، الْمِسْكِينَةُ، وَالْجَابِرَةُ، وَالْمُحِبَّةُ، وَالْمَحْبُوبَةُ، وَالْقَاصِمَةُ، وَالْمَجْبُورَةُ، وَالْعَذْرَاءُ، وَالْمَرْحُومَةُ.

وَعَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ قَالَ: إِنَّا نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ يَقُولُ اللَّهُ لِلْمَدِينَةِ: يَا طِيبَةُ، وَيَا طَابَةُ، وَيَا مِسْكِينَةُ [لَا تَقْلِي الْكُنُوزَ، أَرْفَعُ أَحَاجِرَكِ عَلَى أَحَاجِرِ الْقُرَى] (?) .

وَقَوْلُهُ: {لَا مُقَامَ لَكُمْ} أَيْ: هَاهُنَا، يَعْنُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَقَامِ الْمُرَابِطَةِ، {فَارْجِعُوا} أَيْ: إِلَى بُيُوتِكُمْ وَمَنَازِلِكُمْ. {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ} : قَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُمْ بَنُو حَارِثَةَ قَالُوا: بُيُوتُنَا نَخَافُ عَلَيْهَا السَّرَقَ. وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَنَّ الْقَائِلَ لِذَلِكَ هُوَ أَوْسُ بْنُ قَيظيّ، يَعْنِي: اعْتَذَرُوا فِي الرُّجُوعِ إِلَى مَنَازِلِهِمْ بِأَنَّهَا عَورة، أَيْ: لَيْسَ دُونَهَا مَا يَحْجُبُهَا عَنِ الْعَدُوِّ، فَهُمْ يَخْشَوْنَ عَلَيْهَا مِنْهُمْ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ} أَيْ: لَيْسَتْ كَمَا يَزْعُمُونَ، {إِنْ يُرِيدُونَ إِلا فِرَارًا} أَيْ: هَرَبًا مِنَ الزَّحْفِ.

{وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلا يَسِيرًا (14) وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الأدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولا (15) }

طور بواسطة نورين ميديا © 2015