مَا تَطْمَئِنُّ لَنَا قِدْرٌ، وَلَا تَقُوم لَنَا نَارٌ، وَلَا يَسْتَمْسِكُ لَنَا بِنَاءٌ، فَارْتَحِلُوا، فَإِنِّي مُرْتَحل، ثُمَّ قَامَ إِلَى جَمَله وَهُوَ مَعْقُولٌ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ ضَرَبَهُ، فَوَثَبَ بِهِ عَلَى ثَلَاثٍ، فَمَا أَطْلَقَ عقَالَه إِلَّا وَهُوَ قَائِمٌ. وَلَوْلَا عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ: "أَلَّا تُحْدِثَ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي" ثُمَّ شئتُ، لَقَتَلْتُهُ بِسَهْمٍ.
قَالَ حُذَيْفَةُ: فَرَجَعْتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي مِرْط لِبَعْضِ نِسَائِهِ مُرَحل، فَلَمَّا رَآنِي أَدْخَلَنِي بَيْنَ رِجْلَيْهِ، وَطَرَحَ عَلَيَّ طَرَفَ المرْط، ثُمَّ رَكَعَ، وَسَجَدَ وَإِنِّي لَفِيهِ، فَلَمَّا سَلَّم أَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، وَسَمِعَتْ غَطَفان بِمَا فَعَلَتْ قُرَيْشٌ، فَانْشَمَرُوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ (?) .
وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَوْ أدركتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قاتلتُ مَعَهُ وأبليتُ. فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: أَنْتَ كنتَ تَفْعَلُ ذَلِكَ؟ لَقَدْ رَأيتُنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ رِيحٍ شَدِيدَةٍ وقُرّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا رَجُلٌ يَأْتِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ، يَكُونُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ ". فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، ثُمَّ الثَّانِيَةُ، ثُمَّ الثَّالِثَةُ مِثْلُهُ. ثُمَّ قَالَ: "يَا حُذَيْفَةُ، قُمْ فَأْتِنَا بِخَبَرٍ مِنَ الْقَوْمِ". فَلَمْ أَجِدْ بدَّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ، فَقَالَ: "ائْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ، وَلَا تَذْعَرْهم عَلَيّ". قَالَ: فَمَضَيْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمام حَتَّى أَتَيْتُهُمْ، فَإِذَا أَبُو سُفْيَانَ يَصْلَى ظَهْرَهُ بِالنَّارِ، فَوَضَعْتُ سَهْمًا فِي كَبِِد قَوْسِي، وَأَرَدْتُ أَنْ أرميَه، ثُمَّ ذكرتُ قولَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَذْعَرْهم عَلَيَّ"، وَلَوْ رَمَيْته لَأَصَبْتُهُ. قَالَ: فَرَجَعْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمّام، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَصَابَنِي الْبَرْدُ حِينَ فَرَغتُ وقُررْتُ فأخبرتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَلْبَسَنِي مِنْ فَضْلٍ عَبَاءَة كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلِّي فِيهَا، فَلَمْ أَزَلْ نَائِمًا حَتَّى الصُّبْحَ، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحَتُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُمْ يَا نَوْمَانُ (?) (?) .
وَرَوَاهُ يُونُسُ بْنُ بُكَيْر، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِحُذَيْفَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نَشْكُو إِلَى اللَّهِ صُحْبَتَكُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِنَّكُمْ أَدْرَكْتُمُوهُ وَلَمْ نُدْرِكْهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ وَلَمْ نَرَهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: وَنَحْنُ نَشْكُو إِلَى اللَّهِ إِيمَانَكُمْ بِهِ وَلَمْ تَرَوْهُ، وَاللَّهِ لا تدري يا بن أَخِي لَوْ أدركتَه كَيْفَ كنتَ تَكُونُ. لَقَدْ رأيتنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْخَنْدَقِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مَطِيرة ... ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا (?) .
وَرَوَى بِلَالُ بْنُ يَحْيَى العَبْسي، عَنْ حُذَيْفَةَ نَحْوَ ذَلِكَ أَيْضًا (?) .
وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي "الدَّلَائِلِ"، مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدُّؤَلِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنِ أَخِي حُذَيْفَةَ قَالَ: ذَكَر حُذَيْفَةُ مَشَاهِدَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (?) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال