وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -فِي رِوَايَةٍ -تَجْرَحُهُمْ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ، قَالَ: كُلًّا (?) تَفْعَلُ يَعْنِي هَذَا وَهَذَا، وَهُوَ قولٌ حَسَنٌ، وَلَا مُنَافَاةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي ذِكْرِ الدَّابَّةِ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ كَثِيرَةٌ، فَلْنَذْكُرْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهَا، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ:

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ فُرَات، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيفة بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ: أَشْرَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غُرْفَةٍ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ أَمْرَ السَّاعَةَ فَقَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوا عَشْرَ آيَاتٍ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدُّخَانُ، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، وخروج عيسى بن مَرْيَمَ، وَالدَّجَّالُ، وَثَلَاثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعر عَدَنٍ تَسُوقُ -أَوْ: تَحْشُرُ -النَّاسَ، تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا" (?) .

وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ، مِنْ طُرُقٍ، عَنْ فُرَات الْقَزَّازِ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، عَنْ حُذَيفة مَوْقُوفًا (?) . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ (?) . وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْع، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْهُ مَرْفُوعًا (?) (?) . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، وَجَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، فَأَمَّا طَلْحَةُ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عمَير اللِّيثِيُّ: أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ حَدَّثَهُ، عَنْ حذَيفة بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ أَبِي سَريحَةَ، وَأَمَّا جَرِيرٌ فَقَالَ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبيد، عَنْ رَجُلٍ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -وَحَدِيثُ طَلْحَةَ أَتَمُّ وَأَحْسَنُ -قَالَ: ذَكَرَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّابَّةَ فَقَالَ: "لَهَا ثَلَاثُ خَرْجَاتٍ مِنَ الدَّهْرِ، فَتَخْرُجُ خَرجة مِنْ أَقْصَى الْبَادِيَةِ، وَلَا يَدْخُلُ ذِكْرُهَا الْقَرْيَةَ -يَعْنِي: مَكَّةَ -ثُمَّ تَكْمُنُ زَمَانًا طَوِيلًا ثُمَّ تَخْرُجُ خَرْجة أُخْرَى دُونَ تِلْكَ، فَيَعْلُو ذِكْرُهَا فِي أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَيَدْخُلُ ذِكْرُهَا الْقَرْيَةَ" يَعْنِي: مَكَّةَ. -قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثُمَّ بَيْنَمَا النَّاسُ فِي أَعْظَمِ الْمَسَاجِدِ عَلَى اللَّهِ حُرْمَةً وَأَكْرَمِهَا: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، لَمْ يَرُعْهم إِلَّا وَهِيَ تَرْغو (?) بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، تَنْفُضُ عَنْ رَأْسِهَا التُّرَابَ. فَارْفَضَّ النَّاسُ عَنْهَا شتَّى وَمَعًا، وَبَقِيَتْ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَعَرَفُوا أَنَّهُمْ لَمْ يُعْجِزُوا اللَّهَ، فَبَدَأَتْ بِهِمْ فجَلَت وُجُوهَهُمْ حَتَّى جَعَلَتْهَا كَأَنَّهَا الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ، وَوَلَّتْ فِي الْأَرْضِ لَا يُدْرِكُهَا طَالِبٌ، وَلَا يَنْجُو مِنْهَا هَارِبٌ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لِيَتَعَوَّذُ مِنْهَا بِالصَّلَاةِ، فَتَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِهِ فَتَقُولُ: يَا فُلَانُ، الآن تصلي؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015