{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58) } .
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ عَبْدِهِ لُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَنَّهُ أَنْذَرَ قَوْمَهُ نِقْمَةَ اللَّهِ بِهِمْ، فِي فِعْلِهِمُ الْفَاحِشَةَ الَّتِي لَمْ يَسْبِقْهُمْ إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَهِيَ إِتْيَانُ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ، وَذَلِكَ فَاحِشَةٌ عَظِيمَةٌ، اسْتَغْنَى الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ، وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ -قَالَ (?) {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} أَيْ: يَرَى بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ؟
{أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} أَيْ: لَا تَعْرِفُونَ شَيْئًا لَا طَبْعًا وَلَا شَرْعًا، كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} [الشُّعَرَاءِ: 165، 166] .
{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} أَيْ: يَتَحَرَّجُونَ (?) مِنْ فِعْلِ مَا تَفْعَلُونَهُ، وَمِنْ إِقْرَارِكُمْ عَلَى صَنِيعِكُمْ، فَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ فَإِنَّهُمْ لَا يَصْلُحُونَ لِمُجَاوَرَتِكُمْ فِي بِلَادِكُمْ. فَعَزَمُوا عَلَى ذَلِكَ، فَدَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ} أَيْ: مِنَ الْهَالِكِينَ مَعَ قَوْمِهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ رِدْءًا لَهُمْ عَلَى دِينِهِمْ، وَعَلَى طَرِيقَتِهِمْ فِي رِضَاهَا بِأَفْعَالِهِمُ الْقَبِيحَةِ، فَكَانَتْ (?) تَدُلُّ قَوْمَهَا عَلَى ضِيفَانِ لُوطٍ، لِيَأْتُوا إِلَيْهِمْ، لَا أَنَّهَا كَانَتْ تَفْعَلُ الْفَوَاحِشَ (?) تَكْرِمَةً لِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (?) لَا كَرَامَةً لها (?) .