وَقَوَائِمُهُ لُؤْلُؤٌ وَجَوْهَرٌ، وَكَانَ مُسَتَّرًا بِالدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ تِسْعَةُ مَغَالِيقَ (?) ، فَكَرِهَ أَنْ يَأْخُذَهُ بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ. وَقَدْ عَلِمَ نَبِيُّ اللَّهِ أَنَّهُمْ مَتَى أَسْلَمُوا تَحْرُمُ أَمْوَالُهُمْ مَعَ دِمَائِهِمْ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} .
وَهَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، والسُّدِّي، وزُهير بْنُ مُحَمَّدٍ: {قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} فَتَحْرُمُ عَلَيَّ أَمْوَالُهُمْ بِإِسْلَامِهِمْ.
{قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ} قَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ مَارِدٌ مِنَ الْجِنِّ.
قَالَ شُعَيب الْجِبَائِيُّ: وَكَانَ اسْمُهُ كَوْزَنَ. وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ. وَكَذَا قَالَ أَيْضًا وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ: وَكَانَ كَأَنَّهُ جَبَلٌ.
{أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي: قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَجْلِسِكَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَقْعَدِكَ، وَقَالَ السُّدِّيُّ، وَغَيْرُهُ: كَانَ يَجْلِسُ لِلنَّاسِ لِلْقَضَاءِ وَالْحُكُومَاتِ وَلِلطَّعَامِ (?) مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى أَنْ تَزول الشَّمْسُ.
{وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ قَوِيٌّ عَلَى حَمْلِهِ، أَمِينٌ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْجَوْهَرِ.
فَقَالَ سُلَيْمَانُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أُرِيدُ أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ. وَمِنْ هَاهُنَا يَظْهَرُ أَنَّ النَّبِيَّ سُلَيْمَانَ أَرَادَ بِإِحْضَارِ هَذَا السَّرِيرِ إِظْهَارَ عَظَمَةِ مَا وَهَبَهُ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْمُلْكِ، وسَخَّر لَهُ مِنَ الْجُنُودِ، الَّذِي لَمْ يُعْطَهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ، وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ. وَلِيَتَّخِذَ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى نُبُوَّتِهِ عِنْدَ بِلْقِيسَ وَقَوْمِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا خَارِقٌ عَظِيمٌ أَنْ يَأْتِيَ بِعَرْشِهَا كَمَا هُوَ مِنْ بِلَادِهَا قَبْلَ أَنْ يَقْدموا عَلَيْهِ. هَذَا وَقَدْ حَجَبَتْهُ بِالْأَغْلَاقِ وَالْأَقْفَالِ وَالْحَفَظَةِ. فَلَمَّا قَالَ سُلَيْمَانُ: أُرِيدُ أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ، {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَهُوَ آصِفُ كَاتِبُ سُلَيْمَانَ. وَكَذَا رَوَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ: أَنَّهُ آصِفُ بْنُ بَرْخِيَاءَ، وَكَانَ صِدِّيقًا يَعْلَمُ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ مُؤْمِنًا مِنَ الْإِنْسِ، وَاسْمُهُ آصِفُ. وَكَذَا قَالَ أَبُو صَالِحٍ، وَالضَّحَّاكُ، وقَتَادَةُ: إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْإِنْسِ -زَادَ قَتَادَةُ: مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ اسْمُهُ أَسْطُومَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ -فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ -: كَانَ اسْمُهُ بُلَيْخَا.
وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: هُوَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْدَلُسِ (?) يُقَالُ لَهُ: ذُو النُّورِ.
وَزَعْمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعة: أَنَّهُ الْخَضِرُ. وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا.
وَقَوْلُهُ: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} أَيِ: ارْفَعْ بَصَرَكَ وَانْظُرْ مُدّ بَصَرِكَ مِمَّا تَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَإِنَّكَ لَا يكل بصرك إلا وهو حاضر عندك.