قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ إِذَا دَخَلُوا بَلَدًا (?) عنْوَة أَفْسَدُوهُ، أَيْ: خَرّبوه، {وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} أَيْ: وَقَصَدُوا مَنْ فِيهَا مِنَ الْوُلَاةِ وَالْجُنُودِ، فَأَهَانُوهُمْ غَايَةَ الْهَوَانِ، إِمَّا بِالْقَتْلِ أَوْ بِالْأَسْرِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَتْ بِلْقِيسُ: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} (?) ، قَالَ الرَّبَّ، عَزَّ وَجَلَّ {وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} . ثُمَّ عَدَلَتْ إِلَى الْمُهَادَنَةِ وَالْمُصَالَحَةِ وَالْمُسَالَمَةِ وَالْمُخَادَعَةِ وَالْمُصَانَعَةِ، فَقَالَتْ: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} أَيْ: سَأَبْعَثُ إِلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ تَلِيقُ بِهِ (?) وَأَنْظُرُ مَاذَا يَكُونُ جَوَابُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَعَلَّهُ يَقْبَلُ ذَلِكَ وَيَكُفُّ عَنَّا، أَوْ يَضْرِبُ عَلَيْنَا خَرَاجا نَحْمِلُهُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ عَامٍ، وَنَلْتَزِمُ لَهُ بِذَلِكَ وَيَتْرُكُ قِتَالَنَا وَمُحَارَبَتَنَا. قَالَ قَتَادَةُ: رَحِمَهَا اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهَا، مَا كَانَ أَعْقَلَهَا فِي إِسْلَامِهَا وَفِي شِرْكِهَا!! عَلِمَتْ أَنَّ الْهَدِيَّةَ تَقَعُ مَوْقِعًا مِنَ النَّاسِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: قَالَتْ لِقَوْمِهَا: إِنْ قَبِلَ الْهَدِيَّةَ فَهُوَ مَلِكٌ فَقَاتِلُوهُ، وَإِنْ لم يقبلها فهو نبي فاتبعوه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015