مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) }
يَقُولُ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ فِي بَعْثِي لَكُمْ بَعْدَ الصَّعْقِ، إِذْ سَأَلْتُمْ رُؤْيَتِي جَهْرَةً عِيَانًا، مِمَّا لَا يُسْتَطَاعُ (?) لَكُمْ وَلَا لِأَمْثَالِكُمْ، كَمَا قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} قَالَ: عَلَانِيَةً.
وَكَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} أَيْ عَلَانِيَةً، أَيْ حَتَّى نَرَى اللَّهَ.
وَقَالَ قَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: {حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} أَيْ عِيَانًا.
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ: هُمُ السَّبْعُونَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ مُوسَى فَسَارُوا مَعَهُ. قَالَ: فَسَمِعُوا كَلَامًا، فَقَالُوا: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} قَالَ: فَسَمِعُوا صَوْتًا فَصُعِقُوا، يَقُولُ: مَاتُوا.
وَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ، فِيمَا خَطَبَ بِهِ عَلَى مِنْبَرِ مَكَّةَ: الصَّاعِقَةُ: صَيْحَةٌ مِنَ السَّمَاءِ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ فِي قَوْلِهِ: {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ} الصَّاعِقَةُ: نَارٌ.
وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ رُوَيْمٍ فِي قَوْلِهِ: {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} قَالَ: فَصُعِقَ بَعْضُهُمْ وَبَعْضٌ يَنْظُرُونَ (?) ، ثُمَّ بُعِثَ هَؤُلَاءِ وَصُعِقَ هَؤُلَاءِ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ} فَمَاتُوا، فَقَامَ مُوسَى يَبْكِي وَيَدْعُو اللَّهَ، وَيَقُولُ: رَبِّ، مَاذَا أَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِذَا أَتَيْتُهُمْ وَقَدْ أَهْلَكْتَ خِيَارَهُمْ {لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا} [الْأَعْرَافِ: 155] . فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى أَنَّ هَؤُلَاءِ السَّبْعِينَ مِمَّنِ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَحْيَاهُمْ فَقَامُوا وَعَاشُوا (?) رجلٌ رجلٌ، يَنْظُرُ (?) بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ: كَيْفَ يَحْيَوْنَ؟ قَالَ: فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: كَانَ مَوْتُهُمْ عُقُوبَةً لَهُمْ، فَبُعِثُوا مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لِيَسْتَوْفُوا آجَالَهُمْ. وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: لَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ فَرَأَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ، وَقَالَ لِأَخِيهِ وَلِلسَّامِرِيِّ مَا قَالَ، وحَرّق الْعِجْلَ وذَرّاه فِي الْيَمِّ، اخْتَارَ مُوسَى مِنْهُمْ سَبْعِينَ (?) رَجُلًا الخَيِّرَ فَالْخَيِّرَ، وَقَالَ: انْطَلِقُوا إِلَى اللَّهِ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ مِمَّا صَنَعْتُمْ وَسَلُوهُ التَّوْبَةَ عَلَى مَنْ تَرَكْتُمْ وَرَاءَكُمْ مِنْ قَوْمِكُمْ، صُومُوا وَتَطَهَّرُوا وَطَهِّرُوا ثِيَابَكُمْ. فَخَرَجَ بِهِمْ إِلَى طُورِ سَيْنَاءَ (?) لِمِيقَاتٍ وقَّتَه لَهُ رَبُّهُ، وَكَانَ لَا يَأْتِيهِ إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْهُ وعِلْم، فَقَالَ لَهُ السَّبْعُونَ، فِيمَا ذُكِرَ لِي، حِينَ صَنَعُوا مَا أُمِرُوا بِهِ وَخَرَجُوا لِلِقَاءِ اللَّهِ، قَالُوا: يَا مُوسَى، اطْلُبْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ نَسْمَعْ كَلَامَ رَبِّنَا، فَقَالَ: أَفْعَلُ. فَلَمَّا دَنَا مُوسَى مِنَ الْجَبَلِ، وَقَعَ عَلَيْهِ الْغَمَامُ حَتَّى تَغَشَّى الْجَبَلَ كُلَّهُ، وَدَنَا مُوسَى فَدَخَلَ فِيهِ، وَقَالَ لِلْقَوْمِ: ادْنُوا. وَكَانَ مُوسَى إِذَا كَلَّمَهُ اللَّهُ (?) وَقَعَ عَلَى جَبْهَتِهِ نور ساطع،