ثُمَّ قَالَ (?) تَعَالَى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي} أَيْ: لَا يُبَالِي وَلَا يَكْتَرِثُ بِكُمْ إِذَا لَمْ تَعْبُدُوهُ؛ فَإِنَّهُ إِنَّمَا خَلَقَ الْخَلْقَ لِيَعْبُدُوهُ وَيُوَحِّدُوهُ وَيُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: {مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي} يَقُولُ: مَا يَفْعَلُ بِكُمْ رَبِّي.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ} يَقُولُ: لَوْلَا إِيمَانُكُمْ، وَأَخْبَرَ اللَّهُ الْكَفَّارَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ بِهِمْ إِذْ لَمْ يَخْلُقْهُمْ مُؤْمِنِينَ، وَلَوْ كَانَ لَهُ بِهِمْ حَاجَةٌ لَحَبَّبَ إِلَيْهِمُ الْإِيمَانَ كَمَا حَبَّبَهُ (?) إِلَى الْمُؤْمِنِينَ.
وَقَوْلُهُ: {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ} أَيْ: أَيُّهَا الْكَافِرُونَ {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} أَيْ: فَسَوْفَ يَكُونُ تَكْذِيبُكُمْ (?) لِزَامًا لَكُمْ، يَعْنِي: مُقْتَضِيًا لِهَلَاكِكُمْ وَعَذَابِكُمْ وَدَمَارِكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ يَوْمُ بَدْرٍ، كَمَا فَسَّرَهُ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَمُجَاهِدٌ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ولا منافاة بينهما. والله أعلم.