وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَة، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ نُفَيْل قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَعْقِل -يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ -عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنْ شَهْر بْنِ حَوْشَب قَالَ: لَقِيَ سلمانُ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ فِجَاجِ (?) الْمَدِينَةِ، فَسَجَدَ لَهُ، فَقَالَ: "لَا تَسْجُدْ لِي يَا سَلْمَانُ، وَاسْجُدْ لِلْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ" وَهَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ (?) .
[وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} ، أَيْ: اقْرِنْ بَيْنَ حَمْدِهِ وَتَسْبِيحِهِ] (?) ؛ وَلِهَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنا وَبِحَمْدِكَ" أَيْ: أَخْلِصْ لَهُ الْعِبَادَةَ وَالتَّوَكُّلَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا} [الْمُزَّمِّلِ: 9] .
وَقَالَ: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هُودٍ: 123] {قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا} [الْمُلْكِ: 29] .
وَقَوْلُهُ: {وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا} أَيْ: لِعِلْمِهِ (?) التَّامِّ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَلَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ.
وقوله: {الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} أَيْ: هُوَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَهُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَبُّهُ وَمَلِيكُهُ، الَّذِي خَلَقَ بِقُدْرَتِهِ وسلطانه السموات السَّبْعَ فِي ارْتِفَاعِهَا وَاتِّسَاعِهَا، وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ فِي سُفُولِهَا وَكَثَافَتِهَا، {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الرَّحْمَنُ] } (?) ، أَيْ: يُدَبِّرُ الْأَمْرَ، وَيَقْضِي الْحَقَّ، وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ.
وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} أَيِ: اسْتَعْلِمْ عَنْهُ مَنْ هُوَ خَبِيرٌ بِهِ عَالِمٌ بِهِ فَاتَّبِعْهُ وَاقْتَدِ بِهِ، وَقَدْ عُلِم أَنَّهُ لَا أَحَدَ أَعْلَمُ بِاللَّهِ وَلَا أَخْبَرُ بِهِ مِنْ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ، على (?) سَيِّدِ وَلَدِ آدَمَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، الذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى -فَمَا قَالَهُ فَهُوَ حَقٌّ، وَمَا أَخْبَرَ بِهِ فَهُوَ صِدْقٌ، وَهُوَ الْإِمَامُ الْمُحَكِّمُ الَّذِي إِذَا تَنَازَعَ النَّاسُ فِي شَيْءٍ، وَجَبَ رَدُّ نِزَاعِهِمْ إِلَيْهِ، فَمَا يُوَافِقُ أَقْوَالَهُ، وَأَفْعَالَهُ فَهُوَ الْحَقُّ، وَمَا يُخَالِفُهَا (?) فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ وَفَاعِلِهِ، كَائِنًا مَنْ كَانَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النِّسَاءِ: 59] .
وَقَالَ: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشُّورَى: 10] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا} [الْأَنْعَامُ: 115] أَيْ: صِدْقًا فِي الْإِخْبَارِ وَعَدْلًا فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي؛