هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مُخْتَصَرًا، وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقي، حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّهِ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُجَرُّ إِلَى النَّارِ، فَتَنْزَوِي وَتَنْقَبِضُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَيَقُولُ لَهَا الرَّحْمَنُ: مَا لَكِ؟ قَالَتْ: إِنَّهُ يَسْتَجِيرُ مِنِّي. فَيَقُولُ: أَرْسِلُوا (?) عَبْدِي. وَإِنَّ الرَّجُلَ ليُجَرّ إِلَى النَّارِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا كَانَ هَذَا الظَّنُّ بِكَ؟ فَيَقُولُ: فَمَا كَانَ ظَنُّكَ؟ فَيَقُولُ: أَنْ تَسَعني رَحْمَتُكَ. فيقول: أرسلوا عبدي، وإن الرجل ليجر إلى النَّارِ، فَتَشْهَقُ إِلَيْهِ النَّارُ شُهُوقَ الْبَغْلَةِ إِلَى الشَّعِيرِ، وَتَزْفَرُ زَفْرَةً لَا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَّا خَافَ. وَهَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنِ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عُبَيد بْنِ عُمَيْر فِي قَوْلِهِ: {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} قَالَ: إِنَّ جَهَنَّمَ تَزْفَرُ زَفْرَةً، لَا يَبْقَى مَلِكٌ وَلَا نَبِيٌّ إِلَّا خَرّ تَرْعَد فَرَائِصُهُ، حَتَّى إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِيَجْثُو عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيَقُولَ: رَبِّ، لَا أَسْأَلُكَ الْيَوْمَ إِلَّا نَفْسِي (?) .
وَقَوْلُهُ: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا} قَالَ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (?) بْنِ عَمْرٍو قَالَ: مِثْلَ الزُّجِّ فِي الرُّمْحِ (?) أَيْ: مِنْ ضِيقِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ -يَرْفَعُ الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ} قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُمْ ليُسْتَكرهون فِي النَّارِ، كَمَا يُسْتَكْرَهُ الْوَتِدُ فِي الْحَائِطِ" (?) .
وَقَوْلُهُ {مُقَرَّنِينَ} قَالَ أَبُو صَالِحٍ: يَعْنِي مُكَتَّفِينَ: {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} أَيْ: بِالْوَيْلِ وَالْحَسْرَةِ وَالْخَيْبَةِ. {لَا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا} وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلَيِّ بْنِ زَيْدٍ (?) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَوَّلُ مَنْ يُكسَى حُلَّةً مِنَ النَّارِ إِبْلِيسُ، فَيَضَعُهَا عَلَى حَاجِبَيْهِ، وَيَسْحَبُهَا منْ خَلْفه، وَذُرِّيَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَهُوَ يُنَادِي: يَا ثُبُورَاهُ، وَيُنَادُونَ: يَا ثُبُورَهُمْ. حَتَّى يَقِفُوا عَلَى النَّارِ، فَيَقُولُ: يَا ثُبُورَاهُ. وَيَقُولُونَ: يَا ثُبُورَهُمْ. فَيُقَالُ لَهُمْ: لَا تَدْعُوَا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا، وَادْعُوَا ثُبُورًا كَثِيرًا".
لَمْ يُخْرِجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سِنَان، عَنْ عَفَّانَ، بِهِ: وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سلمة به (?) .