نَزَلَتْ: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} . رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ (?) .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ (?) الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ (?) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُجَيْر، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ رَبٍّ (?) قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنِّي قُمْتُ (?) عَلَى هَذَا الدَّرَجِ أُبَايِعُ عَلَيْهِ، أَرْبَحُ كُلَّ يَوْمٍ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ، أَشْهَدُ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ يَوْمٍ فِي الْمَسْجِدِ، أَمَا إِنِّي لَا أَقُولُ: "إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحَلَالٍ" وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} .

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ الْأَعْوَرُ: كُنْتُ مَعَ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَنَحْنُ نُرِيدُ الْمَسْجِدَ، فَمَرَرْنَا بِسُوقِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ وخَمَّروُا مَتَاعَهُمْ، فَنَظَرَ سَالِمٌ إِلَى أَمْتِعَتِهِمْ لَيْسَ مَعَهَا أَحَدٌ، فَتَلَا سَالِمٌ هَذِهِ الْآيَةَ: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} ثُمَّ قَالَ: هُمْ هَؤُلَاءِ.

وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ، وَالضَّحَّاكُ: لَا تُلْهِيهِمُ التِّجَارَةُ وَالْبَيْعُ أَنْ يَأْتُوا الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا.

وَقَالَ مَطَرٌ الوَرَّاق: كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ، وَلَكِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ وميزانُه فِي يَدِهِ خَفَضَهُ، وَأَقْبَلَ إِلَى الصلاة.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} يَقُولُ: عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ. وَكَذَا قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ.

وَقَالَ السُّدِّي: عَنِ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ.

وَعَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ: لَا يُلْهِيهِمْ ذَلِكَ عَنْ حُضُورِ الصَّلَاةِ، وَأَنْ يُقِيمُوهَا كَمَا أَمَرَهُمُ (?) اللَّهُ، وَأَنْ يُحَافِظُوا عَلَى مَوَاقِيتِهَا، وَمَا اسْتَحْفَظَهُمُ اللَّهُ فِيهَا.

وَقَوْلُهُ: {يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ} أَيْ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِي تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ، أَيْ: مِنْ شِدَّةِ الْفَزَعِ وَعَظَمَةِ الْأَهْوَالِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [غَافِرٍ: 18] ، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبْصَارُ} [إِبْرَاهِيمَ: 42] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الْإِنْسَانِ: 8-12] .

وَقَالَ هَاهُنَا {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا} أَيْ: هَؤُلَاءِ مِنَ الَّذِينَ يَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ.

وَقَوْلُهُ: {وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} أَيْ: يَتَقَبَّلُ مِنْهُمُ الْحَسَنَ وَيُضَاعِفُهُ لَهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النِّسَاءِ: 40] ، وَقَالَ تَعَالَى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الْأَنْعَامِ: 160] ، وَقَالَ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [الْبَقَرَةِ: 245] ، وقال {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015