11

{إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) }

هَذِهِ الْعَشْرُ الْآيَاتِ كُلُّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حِينَ رَمَاهَا أَهْلُ الْإِفْكِ وَالْبُهْتَانِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ بِمَا قَالُوهُ مِنَ الْكَذِبِ الْبَحْتِ وَالْفِرْيَةِ الَّتِي غَارَ اللَّهُ تَعَالَى (?) لَهَا وَلِنَبِيِّهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَ [اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ] (?) بَرَاءَتَهَا صِيَانَةً لِعِرْضِ الرَّسُولِ، عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ (?) فَقَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ} أَيْ: جَمَاعَةٌ مِنْكُمْ، يَعْنِي: مَا هُوَ وَاحِدٌ وَلَا اثْنَانِ بَلْ جَمَاعَةٌ، فَكَانَ المقدَّم فِي هَذِهِ اللَّعْنَةِ (?) عبد الله بن أبي بن سلول رأس الْمُنَافِقِينَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَجْمَعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ، حَتَّى دَخَلَ ذَلِكَ فِي أَذْهَانِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ، فَتَكَلَّمُوا بِهِ، وَجوّزه آخَرُونَ مِنْهُمْ، وَبَقِيَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ، حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ، وَسِيَاقُ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَر، عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المسَيَّب، وعُرْوَة بْنُ الزُّبَيْرِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وعُبَيد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ حَدِيثِ عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوَعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ وَأَثْبَتَ اقْتِصَاصًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا: ذَكَرُوا أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، وَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَلِكَ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الحجابُ، فَأَنَا أحْمَل فِي هَودَجي وَأُنْزَلُ فِيهِ مَسِيرَنَا، حَتَّى إِذَا فَرَغَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غَزْوه وَقَفَلَ وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ فَلَمَسْتُ صَدْرِي، فَإِذَا عقْد مِنْ جَزْع ظَفار قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، فحَبَسني ابْتِغَاؤُهُ. وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ بِي فَحَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ أَرْكَبُ -وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنِّي فِيهِ -قَالَتْ: وَكَانَ النساء إذ ذاك خفافا لم يُهَلَبْهُنَّ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللحمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ العُلقْة مِنَ الطَّعَامِ. فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ ثِقَلَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَحَّلُوهُ وَرَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجمل وساروا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015