وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا محمد بن المثنى البَزَّار، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ الْكَلْبِيُّ، حَدَّثَنَا يَعِيشُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَة، عَنْ قَتادة، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَلَقَ اللَّهُ جَنَّةَ عَدْنٍ بِيَدِهِ، لَبِنَةً مِنْ دُرَّة بَيْضَاءَ، وَلَبِنَةً مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ، وَلَبِنَةً مِنْ زَبَرْجَدَةَ خَضْرَاءَ، ملاطُها الْمِسْكُ، وحَصْباؤها اللُّؤْلُؤُ، وحَشِيشها الزَّعْفَرَانُ، ثُمَّ قَالَ لَهَا: انطِقِي. قَالَتْ: (?) {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} فَقَالَ اللَّهُ: وَعِزَّتِي، وَجَلَالِي لَا يُجَاوِرُنِي فِيكِ بَخِيلٌ". ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (?) [الْحَشْرِ: 9] فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} أَيْ: قَدْ فَازُوا وسُعِدُوا وحَصَلوا عَلَى الْفَلَاحِ، وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْمُتَّصِفُونَ بِهَذِهِ الْأَوْصَافِ.

{الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} " قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {خَاشِعُونَ} : خَائِفُونَ سَاكِنُونَ. وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيِّ (?) .

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُ: الخشوعُ: خشوعُ القلبِ. وَكَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كَانَ خُشُوعُهُمْ فِي قُلُوبِهِمْ، فَغَضُّوا بِذَلِكَ أَبْصَارَهُمْ، وَخَفَضُوا الْجَنَاحَ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} خَفَضُوا أَبْصَارَهُمْ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِمْ.

[وَ] (?) قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: وَكَانُوا يَقُولُونَ: لَا يُجَاوِزُ بَصَرُهُ مُصَلاه، فَإِنْ كَانَ قَدِ اعْتَادَ النَّظَرَ فَلْيُغْمِضْ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

ثُمَّ رَوَى (?) ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاح أَيْضًا مُرْسَلًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

وَالْخُشُوعُ فِي الصَّلَاةِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِمَنْ فَرَّغ قَلْبَهُ لَهَا، وَاشْتَغَلَ بِهَا عَمَّا عَدَاهَا، وَآثَرَهَا عَلَى غَيْرِهَا، وَحِينَئِذٍ تَكُونُ رَاحَةً لَهُ وقُرَّة عَيْنٍ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: "حُبِّبَ إليَّ الطِّيب وَالنِّسَاءُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ" (?) .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيع، حَدَّثَنَا مِسْعَر، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّة، عَنْ سَالِمِ بْنِ أبي الجَعْد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015