وَقَوْلُهُ: {إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} ، هَذَا فِيهِ تَسْلِيَةٌ لَهُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ (?) ، أَيْ: لَا يَهيدنّك ذَلِكَ، فَقَدْ أَصَابَ مِثْلَ هَذَا مَنْ قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ وَالْأَنْبِيَاءِ.

قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فِي أُمْنِيَّتِهِ} إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ، فَيُبْطِلُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ وَيُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِذَا تَمَنَّى [أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} ، يَقُولُ: إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِذَا تَمَنَّى} (?) ] يَعْنِي: إِذَا قَالَ.

وَيُقَالُ: {أُمْنِيَّتِهِ} : قِرَاءَتُهُ، {إِلا أَمَانِيَّ} [الْبَقَرَةِ: 78] ، يَقُولُونَ وَلَا يَكْتُبُونَ.

قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا: مَعْنَى قَوْلِهِ: {تَمَنَّى} أَيْ: تَلَا وَقَرَأَ كِتَابَ اللَّهِ، {أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} أَيْ: فِي تِلَاوَتِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ فِي عُثْمَانَ حِينَ قُتِلَ:

تَمَنّى كتَابَ اللَّهِ أَوَّلَ لَيْلة ... وآخرَها لاقَى حمَامَ المَقَادرِ (?)

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: {إِذَا تَمَنَّى} : إِذَا تَلَا.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: هَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِتَأْوِيلِ الْكَلَامِ.

وَقَوْلُهُ: {فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} ، حَقِيقَةُ النَّسْخِ لُغَةً: الْإِزَالَةُ وَالرَّفْعُ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْ فَيُبْطِلُ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-مَا أَلْقَى الشَّيْطَانُ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: نَسَخَ جِبْرِيلُ بِأَمْرِ الله ما ألقى الشيطان، وأحكم الله آياته.

وَقَوْلُهُ: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ (?) } ، [أَيْ: بِمَا يَكُونُ مِنَ الْأُمُورِ وَالْحَوَادِثِ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ] (?) ، {حَكِيمٌ} أَيْ: فِي تَقْدِيرِهِ وَخَلْقِهِ وَأَمْرِهِ، لَهُ الْحِكْمَةُ التَّامَّةُ وَالْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} أَيْ: شَكٌّ وَشِرْكٌ وَكُفْرٌ وَنِفَاقٌ، كَالْمُشْرِكِينَ حِينَ فَرِحُوا بِذَلِكَ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا كَانَ من الشيطان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015